أخبار الدارسلايدر

لماذا يهيئ الكابرانات الجمهور الجزائري لقرار مقاطعة كأس إفريقيا؟

الدار/ تحليل

من الواضح أن نظام الكابرانات يحاول في الوقت الراهن تهييئ الشعب الجزائري لتقبل عدم مشاركة منتخب كرة القدم في نهائيات بطولة كأس إفريقيا للأمم المرتقبة في دجنبر 2025 ببلادنا. لقد كان ذلك واضحا عندما افتعل هذا النظام أزمة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة والاحتجاج المزعوم على خارطة المغرب التي تزين قميص النادي البركاني. حينها اتضح بالملموس أن إصرار الاتحاد الجزائري بإيعاز من السلطات على مقاطعة المباراة محاول واضحة لاختلاق سياق أزمة رياضية بخلفية سياسية واضحة. الهدف منها هو تعريض الاتحاد الجزائري إلى عقوبات رسمية من الكاف، وربّما تحقيق الغاية غير المعلنة وهي الغياب عن المشاركة في كأس إفريقيا المقبلة.
وبعد أن فشلت الحملة الإعلامية العدوانية التي كانت موجهة ضد المغرب والكاف بسبب تأجيل موعد تنظيم كأس إفريقيا للأمم لتوافق أجندة مختلف الإقصائيات والبطولات وتراعي مصالح اللاعبين الأفارقة المحترفين، عاد الإعلام الجزائري إلى الحديث صراحة عن احتمال عدم مشاركة منتخب بلاده في كأس إفريقيا للأمم المقرر تنظيمها بالمغرب ما بين دجنبر 2025 ويناير 2026. صحيح أن هذا النقاش سابق لأوانه نظرا إلى أن احتمالية إقصاء هذا المنتخب من البطولة تظل قائمة أصلا، وقد تُغْني الكابرانات عن هذه المناورة المكشوفة التي يريدون تنظيمها اليوم بالاستعانة بالبلاتوهات الرياضية المعروفة. لكن هل سأل الكابرانات الجمهور الجزائري عن رأيه الحقيقي في هذا الخيار؟
طبعا لا، آخر ما يفكر فيه هذا النظام هو أخذ آراء الجزائريين بعين الاعتبار ومراعاة مصالح ورغبات الجماهير العاشقة لكرة القدم في الجزائر. حدث الأمر نفسه ضد جمهور اتحاد العاصمة الذي وجد نفسه مجبرا على إجهاض حلمه بتأهل ناديه إلى نهائي كأس الاتحاد الإفريقي وربما الفوز باللقب، بسبب حسابات سياسوية ضيقة بعيدة تمام البعد عن الرياضة أو كرة القدم. كتبت صحيفة الشروق المقربة من المخابرات الجزائرية بعنوان صريح: ما الذي سيضر المنتخب الجزائري لو يقاطع كأس إفريقيا؟ عنوان كهذا يؤكد أن عملية ترويض الجماهير الجزائرية وتهييئها لقرار مقاطعة كأس إفريقيا التي ستنظم بالمغرب قد بدأت للتو.
قد يقول قائل إن الأمر يتعلق بجسّ النبض فقط. هذا صحيح، لكنه جسّ النبض من أجل اتخاذ القرار النهائي. ولا غرابة أبدا في أن يتخذ هذا النظام العدواني هذا القرار بكل بساطة وهدوء لأن مخاوفه من مشاركة المنتخب الجزائري في هذه البطولة تفوق ما يمكن أن يحققه من مكاسب بفضلها على الصعيد السياسي. ما هي هذه المخاوف التي قد تدفع السلطات الجزائرية إلى مقاطعة كأس إفريقيا بالمغرب؟ تنظيم هذه البطولة في المغرب يمثل في حد ذاته هزيمة لم يستسغها هذا النظام إلى يومنا هذا. لقد بذل الكابرانات جهودا جبارة وأنفقوا أموالا طائلة من أجل إقناع الكاف بجدارتهم بهذه البطولة، بل وصل الأمر إلى حد تسمية الملعب الرئيسي في العاصمة باسم نيلسون مانديلا لدغدغة مشاعر رئيس الاتحاد الإفريقي باتريس موتسيبي. كل هذه التضحيات والنفقات والمكائد ذهبت سدى ولم يحصل نظام العسكر إلا على السراب.
ومن الطبيعي في دولة تحكمها عقلية عُصابية أساساً أن تظل هذه الهزيمة عقدة مؤرقة للقادة، وتدفعهم إلى اتخاذ قرار المقاطعة. لكن السبب الثاني يبدو أكثر أهمية وإثارة لقلق هذا النظام. بل يشكل في الواقع رعبا حقيقيا بالنسبة إلى الكابرانات. هناك تخوف كبير من اكتشاف الجماهير الجزائرية التي ستحج إلى المغرب لمتابعة منتخبها للفارق الهائل في مجال التهيئة العمرانية والتنمية والتطوير بين بلدهم الغني بالموارد الطاقية وأحد أكبر مصدريها في العالم، وبلدنا الذي لا يمتلك قطرة بترول واحدة لكنه يملك سواعد رجاله الذين ينحتون الصخر كل يوم لبناء نهضة حقيقية. هذا التخوف الكبير المسيطر على قادة هذا النظام هو الذي يمكن أن يجعلهم يتخذون أيّ قرار لمنع انكشاف الحقيقة التي يجهلها الكثير من الجزائريين الواقعين تحت سطوة الدعاية وغسيل الدماغ اليومي. ولمفارقات الزمن فإن هذا التخوف هو نفسه الذي كان يسيطر على قادة الاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة عندما كانوا يحرصون على مراقبة أبطالهم المشاركين في المسابقات الرياضية الدولية المنظمة في الدول الغربية كي لا يشعروا بهذا البون الشاسع ويفقدوا الثقة في الأمل الشيوعي.

زر الذهاب إلى الأعلى