أخبار الدارسلايدر

غانا تتبرأ من البوليساريو وتضاعف خسائر الكابرانات في الساحة الإفريقية

الدار/تحليل

القرار الذي اتخذته جمهورية غانا بتجميد علاقاتها مع جبهة البوليساريو تتويج جديد للجهود الدبلوماسية الكبيرة التي تبذلها السلطات المغربية من أجل تكريس السيادة الوطنية على الصحراء المغربية، ومحاصرة الأطروحة الانفصالية في الفضاءات القُطرية المعدودة التي لا تزال تعترف بها. وبعد الإنجاز الكبير الذي تحقق في أميركا اللاتينية بسحب كل من الإكوادور وبنما اعترافها بالجمهورية الوهمية، تعود الدوائر الدبلوماسية المغربية لتضرب بقوة وهذه المرة في قلب القارة السمراء، وفي نطاق الدول الأنجلوسكسونية التي كانت إلى عهد قريب تمثل خلفية داعمة للفكر الانفصالي على غرار ما هو الحال في جنوب إفريقيا مثلا.
جمهورية غانا قررت أن تجمد هذه العلاقات وتعبر في الوقت نفسه عن دعمها للجهود الصادقة التي تبذلها المملكة المغربية من أجل التوصل إلى حل مقبول لدى الجميع. هذه الإشارة تؤكد أن أطروحة الانفصال واستنبات دويلة وهمية لم يعد لها حيز سياسي مقنع في العديد من مناطق العالم. والدليل على ذلك أن غانا التي اتخذت هذا القرار تعدّ من أقدم الدول الإفريقية التي انساقت وراء مشروع الانفصال حيث يعود تاريخ اعترافها بالجبهة الانفصالية إلى سنة 1979. كما أنها تمثل بلدا إفريقيا ذا وزن دبلوماسي قوي ولا سيّما في خارطة دول الكومنولث التي تتبع للفضاء السياسي البريطاني. وعلاوة على ذلك فإنها تمثل اليوم نموذجا ديمقراطيا وتنمويا يحتذى في القارة الإفريقية بما حققته من استقرار ونمو اقتصادي كبير.
يتزامن قرار غانا تجميد علاقاتها مع جمهورية الوهم مع الجولة الدبلوماسية التي يقوم بها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في العديد من الدول الإفريقية، في محاولة يائسة لإقناع حكوماتها بالتراجع عن دعم الوحدة الترابية للمملكة وفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية. وقد شملت هذه الجولة الفاشلة دولا مثل إفريقيا الوسطى والكاميرون، بينما أرسلت قيادة الكابرانات مبعوثين إلى دول إفريقية أخرى مثل ليبيريا. وفي الوقت الذي كانت فيه جمهورية غانا تعلن قرارها الجديد، كان الوزير الجزائري قد حلّ غير بعيد في العاصمة الكاميرونية ياوندي. ويؤشر هذا التركيز على الدول الإفريقية التي تقع جنوب منطقة الساحل إلى محاولة السلطات الجزائرية استباق مسلسل سحب الاعترافات، وتعويض خسائر الأزمات الدبلوماسية مع دول الجوار على غرار مالي والنيجر.
تبدأ الدبلوماسية المغربية عام 2025 إذاً بانتصار جديد، بينما تتلقى الدبلوماسية الجزائرية صفعة أخرى في انتظار المزيد من التحوّلات الاستراتيجية التي ستشهدها المنطقة. فعودة دونالد ترامب إلى قيادة الإدارة الأميركية، واحتمالية التوصل إلى اتفاق تاريخي حول الأزمة الأوكرانية، وإرهاصات الانطلاقة الجديدة للربيع العربي بعد انهيار النظام السوري كلّها مؤشرات ستعزّز السيادة الوطنية على الصحراء المغربية، وستضع بعض الأنظمة الهشّة التي كانت تدعم الانفصال في أزمات داخلية، وستفتح قريبا مسارات أكثر عمقا ونجاعة في اتجاه إنهاء النزاع المفتعل. وأكبر دليل على ذلك هو الفصل الجديد الذي شهدته العلاقات المغربية الموريتانية، والتوجه البنّاء الذي تبنّته نواكشوط من أجل الدفع قدما نحو التوصل إلى حل سياسي ونهائي تحت السيادة المغربية.
ومن المتوقع أن تبادر دول أخرى قريبا إلى فتح قنصليات وتمثيليات دبلوماسية في الأقاليم الجنوبية للمملكة. كما يُنتظر أيضا أن يتعزّز الالتزام الأوربي ولا سيّما من إسبانيا وفرنسا تّجاه احترام السيادة المغربية، من خلال إطلاق مشاريع تنموية كبرى في هذه الأقاليم الجنوبية تفعيلا للشراكات الاستراتيجية المعلنة بين المغرب وهذين البلدين. وتعوّل بلادنا كذلك على موقف صيني أكثر جرأة وشجاعة تّجاه دعم الوحدة الترابية للمملكة في غضون هذا العام. وقد بدأت إرهاصات هذا الموقف خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ في نونبر الماضي وحظي خلالها باستقبال ولي العهد الأمير مولاي الحسن، حيث أعرب الرئيس الصيني عن استعداد بلاده لدعم استقرار المغرب وأمنه.

زر الذهاب إلى الأعلى