أخبار الدارحوادثسلايدر

مخيمات تندوف.. مدنيون محتجزون رهائن صراع الميليشيات الارهابية المسلحة بمباركة جزائرية

ذ/ الحسين بكار السباعي*

تشكل التطورات الأمنية الأخيرة داخل مخيمات تندوف انتهاكا صارخا لالتزامات حماية المدنيين المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فقد تحولت هذه المخيمات إلى ساحات مفتوحة للاشتباكات المسلحة العنيفة ، بين جماعات إرهابية متطرفة تنشط في منطقة الساحل والصحراء، ومجموعات مسلحة مرتبطة بميليشيات بوليساريو .

لقد وثقت مقاطع مصورة، تداولتها مصادر موثوقة، استخداما مفرطا وعشوائيا للأسلحة النارية، بما في ذلك الأسلحة الرشاشة، في أماكن مأهولة بالسكان، مما يشكل تهديدا مباشرا للحق في الحياة والسلامة البدنية للمدنيين، المكفول بموجب المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فضلا عن مبادئ حماية السكان المدنيين المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف لعام 1949، وخاصة الاتفاقية الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة.
وتشير هذه الأحداث إلى حالة انهيار شبه كامل للحد الأدنى من متطلبات النظام العام والأمن داخل المخيمات، مما يرتب مسؤولية الجزائر، باعتبارها الطرف الذي يفرض ولايته أو سيطرته الفعلية على هذه المخيمات، مسؤولية دولية بمقتضى قواعد القانون الدولي، لا سيما فيما يتعلق بضمان أمن وحماية الأشخاص المتواجدين في الإقليم الخاضع لسيادتها أو إدارتها.

إن ما يجري داخل مخيمات تندوف يكشف عن بيئة خصبة لاستفحال جرائم خطيرة بموجب القانون الدولي، من قبيل تجنيد الأطفال، تهريب البشر، الانخراط القسري في النزاعات المسلحة، ما يشكل انتهاكا صريحا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وللاتفاقية الدولية لمناهضة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكولها المتعلق بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص.
وضع خطير يستدعي تدخلا عاجلا من مجلس حقوق الإنسان والأجهزة الأممية المختصة، بما في ذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أجل فتح تحقيقات ميدانية مستقلة، وتفعيل جميع الآليات الدولية لضمان حماية محتجزين رهائن مدنيين من الإنتهاكات الجسيمة لحقوقهم الأساسية، ومساءلة الأطراف المسؤولة عن الأوضاع الكارثية السائدة داخل هذه المخيمات.

إن حالة الإستعجال القصوى وبالنظر لخطورة الوضع داخل المخيمات، تلزم إحالة الملف إلى نظر مجلس الأمن والسلم التابع للإتحاد الافريقي وكل الهيئات الحقوقية المعنية إقليميا ودوليا وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة ومفوضيتها السامية لحقوقالإنسان، بغية تسليط الضوء الدولي على الانتهاكات المرتكبة، واتخاذ التدابير الكفيلة بضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، مع تحميل الجزائر المسؤولية الكاملة، باعتبارها الدولة التي تشهد أراضيها هذه الإنتهاكات.

*محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.
النائب الأول لرئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية.

زر الذهاب إلى الأعلى