أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

الجزائر في مواجهة مرآة الحقيقة: أكاذيب الداخل والخارج

الجزائر في مواجهة مرآة الحقيقة: أكاذيب الداخل والخارج

الدار/ تحليل

رغم أن العالم يعيش في زمن تتدفق فيه الأخبار بلا حواجز، لا تزال السلطة الجزائرية تتعامل مع شعبها بعقلية السبعينيات، معتقدة أن بإمكانها فرض رواياتها المعلبة كما لو أن الإنترنت لم يوجد أصلاً، وكأن ملايين الجزائريين لا يستطيعون الوصول إلى الحقيقة بنقرة واحدة.

في هذا المشهد العبثي، تسير الجزائر نحو اصطدام حتمي مع الواقع الدولي. مع اقتراب نهاية العام، تتضح ملامح تسوية كبرى لقضية الصحراء المغربية، حيث أصبحت مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب تحصد اعترافات دولية متتالية، حتى من أطراف كانت بالأمس القريب تدعم أطروحات الانفصال.

لكن داخل الجزائر، تواصل أبواق النظام ترديد نفس الأسطوانة المشروخة، مدعية انتصارات وهمية ومعارك دبلوماسية لا توجد إلا على شاشات الإعلام الرسمي. السؤال الكبير الذي سيطرح نفسه مع غلق هذا الملف الإقليمي: كيف ستبرر السلطة لشعبها سنوات طويلة من التضليل والعداء المفتعل تجاه المغرب؟

الوقاحة السياسية تصل ذروتها حين يحاول النظام أن يسوّق لاحقًا للحل المغربي كأنه ثمرة لجهوده الخاصة، أو كأن فكرة الحكم الذاتي جاءت بإلهام جزائري! مفارقة تكشف بؤس الخطاب الرسمي الذي لا يجد حرجًا في تقلب المواقف متى اشتدت عليه ضغوط الواقع.

ولعل المثال الأوضح على تهاوي السردية الجزائرية، يتمثل في الموقف الإسباني. مدريد، التي كان لها تاريخ استعماري في المنطقة، اختارت اليوم أن تصطف بوضوح إلى جانب الطرح المغربي، معتبرة الحكم الذاتي حلاً جدياً وواقعياً. فماذا بقي للجزائر لتدعيه بعد أن تخلت عنها حتى القوى التي كانت تراهن عليها؟

في العمق، القضية ليست فقط صراع حدود، بل صراع بين ثقافتين: ثقافة تحترم تطور الزمن وتدرك متغيرات السياسة الدولية، وثقافة ما تزال أسيرة عقلية المؤامرة والجمود الإيديولوجي.

أخطر ما في الأمر، أن النظام الجزائري، بدلاً من الاعتراف بالخطأ وتصحيح المسار، يواصل ضخ الأكاذيب في أذهان المواطنين، مضيعًا بذلك فرصًا ثمينة لبناء مغرب عربي متكامل قادر على مواجهة تحديات العصر.

الوقت لم يعد يعمل لصالح دعاة الانفصال ولا لصالح أبواق التزييف. الحقيقة ستفرض نفسها، والصدمة ستكون مدوية، لأن الشعوب لم تعد تصدق الخطب المعلبة ولا الروايات المقولبة، بل تقيس الأمور بلغة المصالح والحقائق الملموسة.

حينها فقط، ستسقط كل الأقنعة، وسيجد النظام الجزائري نفسه عارياً أمام شعبه، بعدما يكون قد استنزف رصيده من الأكاذيب إلى الأبد.

زر الذهاب إلى الأعلى