أخبار الدارالرأيسلايدر

انتخاب بنكيران: عقم حزبي أم وأد للكفاءات المعارضة؟!

انتخاب بنكيران: عقم حزبي أم وأد للكفاءات المعارضة؟!

بقلم: ياسين المصلوحي

أسدل اليوم، 27 أبريل 2025، الستار عن المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية المنعقد ببوزنيقة، بانتخاب عبد الإله بنكيران أمينًا عامًا للحزب لولاية إضافية بفوز ساحق، بنسبة 69% ، أي 994 صوتا من أصل 1402 مؤتمر مبتعدا عن أقرب منافسيه، إدريس الأزمي الذي تحص على 394 صوتا، في حين حل عبد الله بوانو ثالثا بعدد 42 صوتا.
هذا المؤتمر كان قد خلق نقاشًا واسعًا في الساحة السياسية، حتى قبل انعقاده، لعدة ملاحظات، أهمها قضية الدعوات الموجهة للأحزاب داخليًا، حيث تم استثناء بعض الأسماء رغم مكانتها البارزة سياسيًا، وهو ما أسقط الحزب في حرج كبير، خصوصًا غياب عزيز أخنوش عن المؤتمر بصفته الحزبية والحكومية، في حين حضر مستشاره السيد جامع معتصم بصفته رئيسًا للمؤتمر.
إضافة إلى إعلان اللجنة التحضيرية لحضور وفد من حركة حماس، وما رافقه من بروباغاندا، ليتم الإعلان لاحقًا عن تعذر حضورهم.
لكن الذي خلق زوبعة، هو حضور الداعية الموريتاني محمد الحسن الددو، المعروف بتصريحاته السابقة المعادية للوحدة الترابية للمملكة المغربية، خصوصًا عقب اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة الدولة المغربية على صحرائها.
كما أن الفيديو الذي بثه بنكيران قبيل انعقاد المؤتمر، والذي دعا فيه المتعاطفين والمنتمين للحزب إلى المساهمة بتبرعات مالية من أجل تمويل المؤتمر، بعد تعذر التوصل بدعم من وزارة الداخلية، خلق جدلًا بين من جرّمه قانونيًا، وبين من انتقده أخلاقيًا، خصوصًا عندما تم ربط التبرع لمؤتمر الحزب بالإنفاق في سبيل الله والاستشهاد بآيات قرآنية في هذا الشأن.
أما خلال انعقاد المؤتمر، وخصوصًا خلال إلقاء بنكيران للتقرير السياسي، فلم يفوّت الفرصة لتقريع الحكومة أمام الضيوف الأجانب، هذه الحكومة التي كان إلى الأمس القريب يتقاسم مع حزبين من أغلبيتها التشكيلة الحكومية.
كما أنه ذكر بالمرجعية الإسلامية للحزب، كما لو أن باقي الأحزاب المغربية ليسوا مسلمين، رغم أن المرجعية الإسلامية تدعو إلى احترام العهود والثبات على المواقف، خصوصًا في الأشخاص، حيث كان يتغزل بعزيز أخنوش ويصفه بأحسن النعوت، لينقلب الموقف 180 درجة.
كما أن التقرير عرف إجحافًا في حق حزب الدكتور الخطيب، الذي فتح بابه أمام اندماج الحركة الإسلامية والإصلاح والتجديد في حزبه، إلا أن تصريح بنكيران قال إن الحركة كانت هي نواة تأسيس الحزب، في مغالطة تاريخية.
كما تضمن التقرير السياسي المنّ الدائم على الدولة المغربية، بأن الحزب هو الذي جنبها رياح 20 فبراير وتبعاتها السلبية، كما سجل احتكار الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي هي في الأصل قضية تتبناها كل القوى الحية في المجتمع، بغض النظر عن مرجعياتهم وأيديولوجياتهم.
الآلية الديمقراطية المتبعة من طرف الحزب في انتخاب القيادات، لا يمكن مناقشتها ولا انتقادها؛ لأنها تعبر عن رغبة المؤتمرين واختياراتهم، لكن يمكن مناقشة النتائج المحصلة، حيث تعتبر إعادة انتخاب بنكيران على رأس الحزب مؤشرًا سلبيًا، ينم عن الموت السياسي للحزب، وعجزه عن تكوين قيادات شابة أو جديدة قادرة على قيادة الحزب، في جو من التداول على السلط التي يدعون إليها مؤسسات الدولة، وهم غير قادرين على تكريسه في الحزب؛ حيث تناوب اسمان اثنان فقط على قيادة الحزب منذ سنة 2004، ما يظهر عقم الحزب أو أن هناك قوة تقوم بوأد الكفاءات والتضييق عليها.
فبالرغم من مشاركة الأزمي وحامي الدين في سباق الأمانة العامة، إلا أنهما ليسا سوى دالة مشتقة عن بنكيران؛ أي نفس المنطق ونفس التفكير.وابتعاد بوانو وأفتاتي إلى هامش الحزب، ومحاصرة كل من يخالف الرأي الواحد ، يسير به في طريق إعادة إنتاج الحزب الواحد داخل الحزب، وصمّ الآذان عن كل ما يعارض.
فهل سيكون لهذا الصخب والزخم المرافق لهذا المؤتمر أثرٌ في الانتخابات التشريعية المقبلة؟ وهل سيتمكن الحزب من العودة إلى رئاسة الحكومة من جديد؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تنفسًا اصطناعيًا لمحاولة إحياء الحزب وإخراجه من غرفة الإنعاش؟

زر الذهاب إلى الأعلى