الرئيس الصيني: التاريخ لا ينبغي أن يكون مجرد سرد للأحداث، بل مرآة نستخلص منها العبر ونبني على أساسها رؤى للمستقبل

الدار/ تقارير
بمناسبة زيارته الرسمية إلى روسيا ومشاركته في احتفالات الذكرى الثمانين للانتصار على النازية، نشر الرئيس الصيني شي جين بينغ مقالاً في صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الروسية، تناول فيه أهمية استحضار عبر الحرب العالمية الثانية في ظل التحديات التي تواجه النظام الدولي اليوم.
وأكد شي في مقاله أن التاريخ لا ينبغي أن يكون مجرد سرد للأحداث، بل مرآة نستخلص منها العبر ونبني على أساسها رؤى للمستقبل. وذكّر بأن الحرب العالمية الثانية شكّلت لحظة فاصلة في التاريخ الإنساني، وأن الصين والاتحاد السوفيتي كانا في صلب معركة كسر شوكة الفاشية، حيث خاض الشعبان تضحيات هائلة، أسفرت عن انتصارات كبرى ساهمت في رسم ملامح النظام العالمي بعد الحرب.
وأشار الرئيس الصيني إلى أن الشعب الصيني بدأ مقاومته العسكرية ضد العدوان الياباني قبل أي طرف آخر، واستمر في الكفاح سنوات طويلة تحت راية الجبهة الوطنية الموحدة. وعلى الجبهة الأوروبية، خاض الجيش الأحمر السوفيتي معارك ضارية أسفرت عن دحر النازية وتحرير العديد من الدول من الاستعمار والاستعباد.
وشدّد شي على أن محاكمات نورمبرغ وطوكيو أسّست لمنظومة قانونية دولية تُدين جرائم الحرب وتُكرّس مبادئ العدالة، محذرًا من محاولات تجري الآن لإعادة كتابة التاريخ، وتجاهل دور الصين والاتحاد السوفيتي في تلك الانتصارات. واعتبر أن الحفاظ على الذاكرة التاريخية مسؤولية جماعية، لا سيما في مواجهة تيارات إنكارية تتعمد تشويه الحقائق.
وفي سياق متصل، سلط الرئيس الصيني الضوء على تأسيس منظمة الأمم المتحدة بوصفها من أبرز إنجازات ما بعد الحرب، مشيرًا إلى أن الصين والاتحاد السوفيتي، بوصفهما عضوين مؤسسين، قدما تضحيات جسام ليحصلا على موقع دائم في مجلس الأمن. وأكد أن الحفاظ على دور الأمم المتحدة واحترام القانون الدولي من شأنه تعزيز السلم العالمي في ظل ما يشهده العالم من أزمات واضطرابات.
وتطرق شي جين بينغ كذلك إلى قضية تايوان، مذكّرًا بأن عودتها إلى الصين قبل ثمانية عقود كانت ثمرة مباشرة لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، استنادًا إلى وثائق دولية كإعلان القاهرة وبيان بوتسدام، مؤكدًا أن أي تدخل خارجي أو محاولات انفصالية لن تغيّر من الواقع القانوني والسيادي لتلك الجزيرة.
وفي ظل الأوضاع الدولية الراهنة، دعا الرئيس الصيني إلى تبني نهج جديد في العلاقات الدولية، قوامه الشراكة والتعددية والتعاون. وسلط الضوء على مبادراته الثلاث: مبادرة التنمية العالمية، مبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، التي تسعى إلى بناء عالم يقوم على التفاهم والاحترام المتبادل والنمو المشترك.
وأكد شي أن الصين وروسيا، بحكم موقعيهما كقوتين فاعلتين، تلعبان دورًا مهمًا في تعزيز الاستقرار العالمي. وتحالفهما الاستراتيجي، القائم على الندية والاستقلالية، يشكل نموذجًا لشراكة لا تستهدف أحدًا، بل تسعى إلى بناء نظام دولي متعدد الأقطاب أكثر توازنًا وعدلاً.
وختم الرئيس الصيني مقاله بالتأكيد على أن العلاقة التاريخية التي جمعت الصين وروسيا خلال الحرب العالمية الثانية يجب أن تبقى منارة للمستقبل، داعيًا إلى تعزيز هذا الإرث المشترك عبر حماية السيادة، تكريم التضحيات، والعمل معًا من أجل عالم يسوده السلام والتعاون.