أخبار الدارحوادثسلايدر

انهيار عمارة سكنية بفاس: من المسؤول؟

انهيار عمارة سكنية بفاس: من المسؤول؟

بقلم: ياسين المصلوحي

خلفت فاجعة انهيار عمارة سكنية في الحي الحسني بمقاطعة المرينيين بمدينة فاس عشرة قتلى وستة مصابين ليلة الثامن إلى التاسع من ماي الجاري.
ويرجع انهيار العمارة إلى كونها من البنايات الآيلة للسقوط حسب تصنيف جرى سنة 2018 صنفها من البنايات ذات الخطورة الشديدة. وعقب هذا الحادث سارعت الوزيرة المكلفة بقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة للخروج بتصريح يدفع عن الحكومة جزء من المسؤولية حيث أفادت أن هذه البناية المكونة من عدة طوابق تم تصنيفها سنة 2018 على أنها آيلة للسقوط وذات خطورة عالية حيث قامت السلطات آنذاك ببداية إخلاء البناية وهو ما تفاعلت معه بعض الأسر في حين رفضت خمس أسر أخرى مغادرة البناية رغم ما تشكله من تهديد شديد على حياتهم.
هذا الحادث الأليم أعاد إلى الواجهة مسألة تعاطي الحكومة مع إشكالية الدور الآيلة للسقوط والسياسة المتبعة في هذا المجال حيث تتداخل فيه مجموعة من المعطيات التي تجعل من الصعب تحديد المسؤوليات.
الأمر البديهي في هذه القضية يدفعنا إلى القول أن المسؤولية تتحملها الأسر التي رفضت إخلاء البناية رغم معرفتهم وإدراكهم للخطر الكبير الذي تشكله على حياتهم ورفض الحذو حذو ما قامت به الأسر التي غادرت العمارة، إلا أنه هناك من يقول أن الأسر التي غادرت ربما تتوفر على بديل أو عائلات قامت باستقبالهم أما أولائك الذين بقوا في البناية قاموا بذلك مضطرين نظرا لعدم توفرهم على وجهة بديلة أو جهة تستطيع إيواءهم أو لا يستطيعون توفير مصاريف كراء مسكن أخر، و يحملون مسؤولية ذلك للجهات المسؤولة التي قامت بإصدار قرار الإخلاء دون توفير مأوى أو وجهة للأسر التي لا تتوفر على مكان يمكنهم الذهاب إليه و الاحتماء فيه من لفحات الصيف وزمهرير الشتاء، حيث ينص القانون المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري، على أن الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط مدعوة إلى تحمل نفقات الإيواء المؤقت للعائلات التي لا تستطيع توفير مسكن آخر و لا تستطيع توفير نفقات الكراء.
كما أن السؤال يطرح حول مدى استعمال القوة العمومية من أجل إخلاء هذا المبنى الذي يشكل خطرا على ساكنيه وعلى جيرانه بل وحتى على المارة، فكيف للقوات العمومية التي تستطيع القيام بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وتستطيع إخلاء مباني سليمة ومأهولة بالسكان من أجل تطبيق تصميمات التهيئة الحضارية كما شاهد الجميع في مجموعة من المدن المغربية لم تستطع إخلاء بضع عائلات في بناية واحدة تشكل تهديدا حقيقيا؟
هذا السؤال يحيل على مدى قيام الإدارة المحلية ( المنتخبين ووكالة التجديد الحضري والسلطة المحلية) بأدوارها وممارستها لصلاحياتها والقيام بالإجراءات التي يخولها لها القانون حماية لأرواح المواطنين والحفاظ على أمن وسلامة الجميع.
أكيد أنه لا يمكن إلقاء اللوم على جهة واحدة دون غيرها، فالمواطن بدوره لا يجب عليه مواجهة قرارات السلطات بالعناد والتعنت والتشكيك في مصداقية هذا القرار حيث هناك من يقول أن البناية سليمة لكنهم يريدون إخراجنا من مساكننا، وفي المقابل لا يجب على الجهات المختصة الرضوخ لرغبات السكان الذين يرفضون مغادرة بيوتهم وهم يعلمون أن بقائهم فيها يشكل عليهم خطرا وتهديدا حقيقيا، حتى وإن اقتضى الأمر استعمال القوة العمومية وممارسة امتيازات السلطة العامة التي يمنحها لها القانون حماية للمواطنين من جهلهم أو من قلة ذات يدهم، ومواكبة ذلك بتوفير المساكن والنفقات لضمان إيواءهم في ظروف إنسانية كريمة.
إن حياة المواطنين ليست رخيصة إلى هذا الحد الذي يستهتر بها أصحابها قبل الآخرين حيث كان بإمكانهم إخلاء البيوت ومطالبة وكالة التجديد العمراني بصرف نفقات الإيواء عوض الاستسلام للأمر الواقع والبقاء في قبور مع وقف التنفيذ.
رحم الله الضحايا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

زر الذهاب إلى الأعلى