أخبار الدارسلايدر

صفيحة حافر الدواب على باب قصر المرادية أو عندما يصبح النحس عنوانا للدبلوماسية الجزائرية.

صفيحة حافر الدواب على باب قصر المرادية أو عندما يصبح النحس عنوانا للدبلوماسية الجزائرية.

في الموروث الشعبي المغاربي، كما في بعض الثقافات العالمية، تحظى الحدوة المعدنية التي تثبت على حافر الفرس أو البغل أو الحمار برمزية خاصة تتجاوز وظيفتها العملية في حماية قوائم الدواب، لتغدو أداة طقسية محملة بدلالات سحرية، تستخدم في طرد النحس ودرء الحظ العاثر.
وتعتبر هذه “الصفيحة” في المعتقد الشعبي،بالهدية البليغة في معناها الرمزي الدلالة ، إذ تحمل ما يشبه الرسالة المشفرة، والتي مفادها أن النحس قد حل بقصر المرادية ، وأن لا سبيل للتخلص منه إلا بإعادته إلى مصدره بتعليقه الصفيحة على بابه.

وانطلاقا من هذا المعنى الرمزي العميق، فإن إهداء صفيحة حافر دابة ، سواء كانت فرسا أو بغلا أو حمارا ، ليس مجرد تصرف عبثي، بل هو تعبير ساخر عن حالة النحس العميق الذي يخيم على من وجهت إليه.
و يقال في الثقافة الشعبية إن “صفيحة حافر الدواب ” تعلق على الأبواب أو تدفن عند العتبات، خصوصا في البيوت التي يعتقد أنها مصابة بـ”النحس”، أملا في طرده ودفعه بعيدا.
غير أنها اليوم تبدو أنسب ما يمكن تعليقه على باب قصر المرادية، الذي تحول إلى ما يشبه “منبع نحس” للدبلوماسية الجزائرية، ومركز بث العزلة الإقليمية والدولية.
ففي السياق السياسي الراهن، فإن هذه الصفيحة حافر الفرس والبغل والحمار ، إذا ما وجهت كهدية رمزية إلى من في قصر المرادية، فإنها تعبر، على نحو ساخر وعميق، عن النحس المزمن الذي بات يطبع السياسة الخارجية الجزائرية، والتي لم تعد تحصد سوى الإخفاقات، من إنهيار المبادرات الإقليمية، إلى انكماش تأثيرها الديبلوماسي، وصولا إلى عزلتها المتفاقمة على الصعيدين المغاربي والدولي.
إنها، ببساطة، صفيحة تعكس مرآة واقع فاشل لسياسة محشورة في زوايا النحس، وعجز ديبلوماسي لا تفلح فيه سوى طقوس الفولكلور لعلها تعيد بعض التوازن لما اختل وتدهور.

ختاما ، مهما طالت العزائم وتنوعت التمائم، تبقى الحقيقة المرة أن النحس ليس نتيجة لعنة خارجية، بل هو نتاج اختيارات عبثية، وسياسات مغلقة، وعقيدة عدائية جعلت من الجزائر سجينة ماضيها، ومختنقة بمواقفها. وفي نهاية المطاف، حتى صفيحة حافر الدواب رمز الصبر والتحمل في الفلكلور الشعبي ، لن تجدي مع دبلوماسية تتغذى على الحقد وتدار بمنطق العناد والتوجس.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.
خبير في نزاع الصحراء المغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى