بنيله شهادة البكالوريا من خلف أسوار السجن، نزيل يخطو أولى خطواته على سكة إعادة الاندماج (بورتريه)

بحصوله على شهادة البكالوريا برسم دورة يونيو 2025، من خلف أسوار السجن، و بميزة “مستحسن”، يكون النزيل ” ه ” قد خطا أولى خطواته على سكة إعادة الاندماج.
فبعدما ظل حلمه بالحصول على شهادة البكالوريا مؤجلا لسنوات، أبى النزيل ” ه “، متسلحا بإرادة صلبة و بعزم أكيد، ومستفيدا من دعم ومواكبة المؤسسة السجنية، إلا أن يمنح لنفسه فرصة جديدة، فاختار استكمال مسيرته التعليمية كوسيلة لإعادة الاندماج داخل المجتمع.
نجاح النزيل ” ه ” لم يكن ممكنا لولا الجهود التي تبذلها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والتي تعمل، طبقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على ضمان إعادة الاندماج الاجتماعي والمهني للسجناء، من خلال رافعتي التعليم والتكوين المهني.
وعلى الرغم من انقطاعه لسنوات طوال عن الدراسة، حيث يقضي عقوبة سجنية مدتها 12 سنة، أنهى منها، حتى الآن، عاما وشهرا، فقد حصل النزيل ” ه “، البالغ من العمر 26 سنة، على شهادة البكالوريا – أحرار، في شعبة العلوم الإنسانية.
يقول النزيل، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه قرر الترشح لاجتياز امتحانات البكالوريا من داخل السجن، بعد أن أعلنت إدارته فتح باب التسجيل للراغبين في اجتيازها، مبرزا أن المؤسسة السجنية لم تدخر جهدا في التكفل بالإجراءات الإدارية وتوفير الظروف الملائمة لإعداد السجناء لخوض الامتحانات، من خلال توفير مكتبة تضم مقررات ومراجع وكتبا متنوعة وحصص دعم، فضلا عن توفير بيئة تعليمية مثلى شكلت هي الأخرى مصدر دعم وتشجيع.
“لقد استثمرت إلى أقصى حد ممكن الهامش الزمني المتاح داخل المؤسسة السجنية”، بل و “كنت أستغرق ساعات طوال في الدراسة والتحصيل”، يضيف هذا الشاب، الذي كشف أنه استثمر عامل الزمن على أكمل وجه من أجل التحضير كما ينبغي للامتحانات، سواء داخل المكتبة أو في زنزانته، غير آبه بالتعب أو بمشاق التحضير، “كيف لا وقد وضعت نصب أعيني تحقيق هذا الهدف، وكنت واثقا أنني سأنال شهادة البكالوريا، التي جرت امتحاناتها في ظروف جيدة”.
وأعرب النزيل ” ه ” عن شكره لكل من ساعدوه على تخطي عتبة البكالوريا، لاسيما وأنه حظي بتأطير جيد وبمواكبة ودعم نفسي كبيرين، وهو ما جعله يتطلع إلى استكمال مسيرته الدراسية بكل حزم وإصرار.
وأكد أن هذا الدعم، الذي كان له الأثر البالغ في هذا الإنجاز، يعكس الدور الحقيقي الذي تضطلع به المؤسسة السجنية، والذي أصبح يتجاوز المفهوم التقليدي لتنفيذ العقوبة، إلى بنية إصلاحية تعمل على تهييء النزلاء وتمكينهم من الآليات اللازمة لإعادة الاندماج في المجتمع.
“كانت فرحتي عارمة وسعادتي لا توصف وأنا أتلقى من المشرف الاجتماعي بشرى نجاحي”، يقول النزيل ” ه ” وهو يستحضر لحظة تلقيه خبر اجتيازه امتحانات البكالوريا بنجاح، لتنهال عليه التهاني، بدءا بمدير المؤسسة السجنية الذي استقبله لتهنئته، مرورا بزملائه الناجحين، والموظفين وباقي النزلاء الذين بادروا بدورهم إلى تهنئته.
يقول النزيل ” ه ” بابتسامة يملؤها التأثر والفرح ” لقد تحقق الحلم الذي لطالما راودني، وأدخل البهجة والسرور، أيضا، على أفراد أسرتي، الذين لم يألوا جهدا في تحفيزي وتشجيعي على المثابرة لبلوغ هذا المبتغى”.
وأكد النزيل أن نيله شهادة البكالوريا شكل مصدر إلهام لنزلاء آخرين بالمؤسسة السجنية، مشيرا إلى أن العديد من زملائه قرروا الترشح لاجتياز امتحانات البكالوريا خلال الموسم الدراسي المقبل، بعدما أدركوا أن النجاح غاية تقترن، أساسا، بالإرادة والعمل الجاد.
ويطمح النزيل ” ه ” إلى استكمال مساره الأكاديمي، من خلال متابعة دراسته الجامعية وتحديدا في شعبة القانون، مبرزا رغبته في تحسين نمط حياته والتفكير في مستقبله، كما يتطلع بعد انقضاء مدة محكوميته إلى أن يصبح مواطنا فاعلا في مجتمعه، مساهما في بناء وطنه.
وعلى غرار حالة النزيل ” ه “، توجد خلف أسوار السجون قصص نجاح نزلاء آخرين، تنطوي على الكثير من العزم والتصميم على النجاح.
المصدر: الدار– وم ع