فاينانشال تايمز: الجزائر تعيش عزلة خانقة وسط تصاعد الانتصارات الدبلوماسية المغربية

الدار/ إيمان العلوي
في تحليل سياسي لاذع، رسمت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية صورة قاتمة للوضع الدبلوماسي والسياسي الذي تعيشه الجزائر، واصفةً إياها بالدولة “المنعزلة” و”المحاصرة”، والتي تقف عاجزة أمام سلسلة الانتصارات المتتالية التي يحققها المغرب على الصعيد الدولي، ولا سيما في ملف الصحراء.
الصحيفة البريطانية اعتبرت قرار المملكة المتحدة الأخير بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، بمثابة “نكسة جديدة” للجزائر، في وقت تتسارع فيه وتيرة الاعتراف الدولي بالمبادرة المغربية كحل واقعي وذي مصداقية. وأشارت الصحيفة إلى أن “كل القوى الغربية الكبرى تقف اليوم خلف الرباط”، وهو ما يعمّق عزلة الجزائر ويكشف هشاشة موقفها الخارجي.
وفي قراءتها لأسباب هذا التراجع الجزائري، لفتت فاينانشال تايمز إلى أن الاقتصاد الجزائري ما زال يتنفس بصعوبة تحت عباءة منظومة “اشتراكية” تعتمد كليًا على صادرات الغاز والنفط، دون أن تنجح في تنويع مواردها أو تحديث بنيتها الاقتصادية.
أما على مستوى التحالفات الإقليمية، فقد أعربت الصحيفة عن قلق الجزائر المتزايد من تعاظم التعاون العسكري المغربي-الإسرائيلي، ومن الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين الرباط وأبوظبي، لاسيما بعد إعلان الإمارات التزامها بالمساهمة في تمويل مشروع ضخم لأنبوب غاز يربط نيجيريا بأوروبا عبر الأراضي المغربية، بميزانية تصل إلى 25 مليار دولار. خطوة وصفتها الصحيفة بأنها “ضربة موجعة” للجزائر، التي كانت تطمح دائمًا لأن تكون الممر الطبيعي للطاقة الإفريقية نحو القارة العجوز.
التوتر بلغ ذروته أيضًا مع بروز الوجود الروسي العسكري في منطقة الساحل، على مقربة من الحدود الجزائرية الجنوبية، وهو ما زاد من قلق المؤسسة العسكرية الجزائرية، خاصة في ظل غياب نفوذ فعّال لها في هذه المنطقة المتقلبة.
أما على الصعيد الأوروبي، فأشارت الصحيفة إلى أن الجزائر لا تزال غارقة في أزمة دبلوماسية مفتوحة مع فرنسا، زاد من حدتها اعتقال الكاتب الفرنكوجزائري بوعلام صنصال، ورفض السلطات الجزائرية إعادة استقبال مهاجرين غير نظاميين ترغب فرنسا في ترحيلهم، وهو ما قد يؤدي إلى إلغاء اتفاق 1968 بين البلدين. خطوة كهذه، حسب فاينانشال تايمز، قد تكون “مدمّرة” للعلاقات الثنائية، وتنهي امتيازات حصلت عليها الجزائر منذ استقلالها.
في محصلته، يرى المراقبون أن الجزائر تبدو اليوم كمن يقف في زوايا الخسارة، بينما يراكم المغرب مكاسب استراتيجية تُعيد تشكيل موازين القوى في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، مع دعم متزايد من العواصم العالمية الكبرى.