أخبار الدارسلايدر

اليقظة الإستخباراتية المغربية تتصدى بحزم لمؤامرات الإحتيال المنظم العابر للحدود

بقلم : ذ/ الحسين بكار السباعي

في عالم تتقاطع فيه الحروب الرمادية بأدوات التضليل الرقمي، وتتماهى فيه الواجهات الاقتصادية مع أجندات خفية، يثبت المغرب مجددا أن أجهزته الإستخباراتية أعين لا تنام، وأن سيادته ليست عرضة للإبتزاز أو الإختراق.
لقد تمكنت المصالح الأمنية والإستخباراتية المغربية، في إنجاز نوعي يحسب لها، من تفكيك مشروع إحتيالي عابر للحدود، لم يكن يستهدف المال أو الاستثمار فحسب، بل كان يضرب في عمق الثقة بالمؤسسات والرموز الوطنية.

الأمر لم يكن يتعلق بشبكة نصب تقليدية، بل بمخطط مركب يحاول التسلل إلى العقل المغربي عبر بوابة الإستثمار الزائف ومشاريع مونديال 2030، في محاولة لإرباك الدولة من داخلها. وبإستخدام تقنيات متقدمة من قبيل “الديب فايك”، وتسجيلات مفبركة بدقة عالية نسبت إلى شخصيات سامية، كل ذلك كان غلافا لحرب ناعمة تستهدف إشاعة الشك والتشويش، والتسلل إلى البنية الذهنية الوطنية تحت يافطة الاستثمار والتعاون الدولي.
لكن ما خفي أعظم، فالمعطيات التي كشفتها التحقيقات، تشير إلى تورط عناصر مشبوهة تنشط من عواصم دولية، تلتقي برجال أعمال وشخصيات نافذة في محافل ظاهرها إقتصاد وتنمية، وباطنها نشاط إستخباراتي مموه بأقنعة ناعمة ،كأدوات المال السياسي، ودبلوماسية النوادي الفاخرة ، والإعلام المفبرك، كلها إجتمعت ضمن مشروع تخريبي يدار عن بعد، هدفه تقويض رمزية الدولة، وضرب الشرعية السيادية في الصميم.
إن يقظة الإستخبارات المغربية لم تقتصر على كشف هذا المخطط، بل تجاوزت ذلك إلى تفكيكه بهدوء وإحترافية، وإحباط تداعياته قبل أن تلامس الوعي العام. فالمعركة لم تكن دعائية ولا إستعراضية، بل عملية دقيقة تدار بتقاطع الخبرات، وبجدية وحزم كبير، وبثقة وصرامة.
وإذا كان الخونة والعملاء راهنوا على المال القذر والتضليل الرقمي لتزوير الواقع، فإن الرد المغربي جاء على شكل إنتصار إستخباراتي لم يعلن عن نفسه إلا بعد أن كشف خيوط المؤامرة القدرة .
إن هذا النجاح يعكس فلسفة أمنية مغربية متطورة، لا تكتفي بالرصد، بل تستبق وتناور وتحصن الجبهة الداخلية. فالإستخبارات المغربية لم تعد مجرد جهاز رصد، بل أصبحت ركيزة من ركائز حماية القرار الوطني وصيانة السيادة في زمن تتداخل فيه الجبهات وتتشظى فيه الولاءات.

ختاما، المغرب بثوابته التاريخية والمؤسساتية، ليس ساحة مفتوحة للعبث، بل دولة ذات سيادة تقف على أرض صلبة، تعرف كيف تواجه حروب الجيل الجديد، وتحول المخاطر إلى لحظة تأكيد جديدة على صلابة بنيانها. لقد إنتصار العقل الأمني المغربي، ليذكر من يلعب في الظل أن للسيادة حراسها الأوفياء، وللوطن درعه الذي لا ينكسر.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.
خبير في نزاع الصحراء المغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى