
الدار/ سارة الوكيلي
يُعتبر يوم المساجد في المغرب، الذي يقترن بذكرى المولد النبوي الشريف، لحظة رمزية لتكريم الجهود المبذولة في بناء وصيانة بيوت الله. وقد أبرز وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، في كلمته بهذه المناسبة، أن المملكة تعمل على برنامج واسع لتأهيل آلاف المساجد والزوايا المتضررة من الزلازل، مع تخصيص ميزانيات ضخمة وإطلاق مشاريع ترميم وصيانة على مستوى وطني. هذه المجهودات تعكس عناية ملكية خاصة بهذا الفضاء الروحي الذي يحتل موقعاً محورياً في حياة المغاربة.
لكن، ورغم هذا الزخم الرسمي والخيري، فإن واقع العديد من المساجد يكشف عن حاجة ملحة إلى نقلة نوعية في مجالات النظافة والتنظيم والتأطير. فكثير من المصلين يشتكون من ضعف العناية بالنظافة داخل بعض بيوت الله، خاصة في المرافق الصحية والساحات الملحقة، إضافة إلى غياب تنظيم محكم يضمن حسن الاستقبال والانضباط، فضلاً عن محدودية التأطير الذي يواكب التحولات الثقافية والاجتماعية والرقمية للمجتمع.
المساجد ليست مجرد فضاءات للعبادة، بل هي مدارس للتهذيب والتربية والتواصل الاجتماعي. ومن ثَمّ، فإن الحفاظ على نظافتها وحسن تنظيمها لا يمكن أن يكون مسؤولية وزارة الأوقاف وحدها، بل هو التزام جماعي يشارك فيه المحسنون والمجتمع المدني وساكنة الأحياء. الوعي المجتمعي بنظافة المسجد يعكس بدوره مستوى الاحترام لحرمة المكان وقدسيته.
المساجد في المغرب ليست مباني عادية، بل هي حوامل لتراث معماري وروحي أصيل. الاعتناء بها من حيث التنظيم والتأطير يعني الحفاظ على الهوية الثقافية التي تميز المملكة عن غيرها. غير أن هذا التراث يفقد جزءاً من إشعاعه إذا لم يقترن ببيئة نظيفة ومنظمة تراعي حاجات المصلين وتعكس صورة مشرقة عن الإسلام المغربي المعتدل.
أشار الوزير إلى إدماج أنظمة معلوماتية خاصة بتدبير المساجد، وهو توجه يُنتظر أن يفتح آفاقاً جديدة في حسن التسيير. فالرقمنة يمكن أن تساهم في ضبط عمليات الصيانة، متابعة شكايات المصلين، وبرمجة الأنشطة الدينية بشكل شفاف ومنظم، ما يجعل المسجد أقرب إلى مؤسسة حية وفعّالة في محيطها.
إن العناية الملكية والجهود الرسمية والخيرية المبذولة في مجال بناء وصيانة المساجد تظل ركيزة أساسية في حماية بيوت الله. غير أن المرحلة المقبلة تستوجب تعزيز هذه الجهود بتركيز أكبر على النظافة والتنظيم والتأطير العصري، حتى تبقى المساجد بحق منارات للهداية، وفضاءات للسكينة، وحصوناً للهوية الدينية والثقافية للمغاربة.