
بقلم/ذ/ الحسين بكار السباعي
يشكل الموقف الروسي الأخير تحولا نوعيا في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، إذ غاب في خطابه أي ذكر لخيار الاستفتاء أو تقرير المصير، وهو ما ينسجم مع مواقف الأمم المتحدة ذاتها كما عبر عنها المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا خلال جولته الأخيرة بمخيمات تندوف.
لقد تبنت موسكو خطاب “الإرث الاستعماري” الذي طالما شدد عليه المغرب في دفاعه القانوني والتاريخي عن وحدته الترابية، مما أدى إلى تقويض إحدى أهم الحجج التي دأبت الجزائر على توظيفها لتسويق أطروحتها الانفصالية أمام المنتظم الدولي.
إن التحول الروسي يعكس إدراكا متزايدا بضرورة إعادة موازنة المصالح الإستراتيجية في شمال إفريقيا والمتوسط، في ظل تنامي دور المغرب كقوة إقليمية صاعدة تساهم في إستقرار الساحل وشمال إفريقيا عبر مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات، فضلا عن دينامية تنموية متنامية تجعل من المغرب شريكا إستراتيجيا يحظى بالمصداقية. ويؤكد هذا المنعطف أن المجتمع الدولي بدأ يتجه نحو تبني حلول واقعية وعملية، يكون المقترح المغربي للحكم الذاتي في صدارة الخيارات المطروحة، باعتباره الإطار الأرجح للتطبيق، والبديل الوحيد القادر على إغلاق باب المزايدات الإيديولوجية التي سقطت مع انهيار جدار برلين، والتي لازالت الجزائر أسيرة لأوهامها.
السياق الدولي الجديد، المدعوم بموقف روسيا، يفتح الباب أمام مرحلة متقدمة من الحسم الدولي لصالح المغرب، ويضع الجزائر في عزلة متزايدة داخل المنظومة الأممية، بعدما فقدت قدرتها على إقناع المجتمع الدولي بخطاب الإنفصال. كما أن زيارة دي ميستورا الأخيرة لمخيمات تندوف أكدت محدودية البدائل المطروحة خارج إطار السيادة المغربية، وعززت قناعة أن الحكم الذاتي هو المسار الواقعي والوحيد لإنهاء هذا النزاع المفتعل. ومع اقتراب موعد صدور قرار مجلس الأمن في أكتوبر، تزداد المؤشرات على أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، حيث من المنتظر أن تتكرس عزلة الجزائر وصنيعتها بوليساريو، مقابل تعزيز الموقف المغربي داخل أروقة الأمم المتحدة. وفي ظل إعادة تشكيل الاصطفافات الإقليمية والدولية،
ختاما، المغرب اليوم يتعزز بموقف جديد من دولة عضو بمجلس الأمن، بعد أن تعزز بمواقف جميع قوى عالمية متحكمة في صناعة القرار الدولي. وهاهي المملكة تقترب بخطوات واثقة من لحظة الحسم النهائي لنزاع مفتعل ، مؤسستا لمكانتها كقوة إقليمية مؤثرة قادرة على ضمان إستقرار منطقة حساسة سياسيا وأمنيا.
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
خبير في نزاع الصحراء المغربية.