أخبار الدار

تحليل إخباري: الداخلة.. عجز مائي في أفق عشر سنوات

الدار/ سعيد المرابط

وضعت الدولة، قضية المياه، في قلب التنمية المستدامة، معتبرةً أنها ضرورية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية، ومحرك الطاقة وإنتاج الغذاء وسلامة النظم الإيكولوجية وبقاء الإنسان، كما أن المياه كذلك في صلب عملية التكيف مع تغير المناخ حيث تضطلع بدور الرابط بين المجتمع والبيئة، ولكن في جغرافيا المناطق الصحراوية، التي رافق تشكلها، ندرة الماء، والترحال خلف بوادره، ونظرا للإقتصاديات السيئة، صارت الفرشة المائية، مُهدَدة، ومُهَدِدة، وباعثة على القلق.

المناطق الجنوبية.. 25 فرشة مائية عميقةوسطحية

يمتد الحوض المائي، لجهتي الساقية الحمراء، وواد الذهب، على ثلاث إتجاهات، العيون-بوجدور، واد الذهب-لكويرة، والسمارة، ويبلغ مجموع مساحته أزيد من 350000 كلم مربع، ويقدر مخزون الموارد المائية للحوض المائي بالصّحراء بعشرين مليون متر مكعب، حسب الإحصائيات الرسمية.

وتتوفر المنطقة، على 25 فرشة مائية، منها أربع فُرشٍ عميقة، وواحد وعشرون فرشة سطحية، وتختلف درجة الملوحة فيها من مكان إلى آخر حسب الموقع والإمتداد والتأثيرات الخارجية، فمناطق ”فم الواد“، و”كلتة زمور“ وشمال ”إزيك“؛ مناطق قليلة الملوحة، في حين، أن مناطق ”العيون“ ”الدورة“، و”الحكونية“ متوسطة الملوحة.

ومن المعروف كذلك، أن المياه الجوفية في الصحراء، متواجدة كفرشة عميقة؛ تمتد من حوض الساقية الحمراء، ”منطقة حاسي خطاري، منطقة الجريفية، وادي الساقية الحمراء“، إلى منطقة وادي الذهب، ”حوض وادي الذهب ومنطقة تاورطا“.

الداخلة.. ضيعات فلاحية تستنزف الفرشة المائية

تتربع جهة الداخلة على فرشة مائية، غير متجددة بمساحة تقدر ب142865 كلم مربع، وحسب  إحصائيات المكتب الوطني للماء، فيصل إستهلاك الساكنة منها ما مقداره 3،5، مليون متر مكعب بالنسبة للداخلة، و630 متر مكعب في اليوم بالنسبة لأوسرد، هذه المياه يتم جلبها بالكامل من الفرشة المائية العميقة.

وتنتمي لجهة واد الذهب، سبع مدارات زراعية، وتقدر المساحة المسقية، بقرابة 391 هكتار، حسب إحصاءات رسمية لسنة 2008، وتستعمل المياه الجوفية للفرشة المائية العميقة، مما يجعل حجم المياه الجوفية المستعملة في الري؛ بحوالي 6.23 مليون متر مكعب، في حين يصل إستهلاك الساكنة، حسب الإحصائيات الرسمية للماء، بما قدره 3.5 مليون متر مكعب، مقارنة مع إستهلاك ساكنة أوسرد ب630 متر مكعب في اليوم، من المياه الصالحة للشرب. مصدر هذه المياه هي الفرشة الجوفية لوادي الذهب، والتي تصنف ضمن الفرشة العميقة، في الوقت الذي تعاني فيه الداخلة من النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب.

هذه الأرقام، التي استقتها ”الدار“، من مصادر رسمية؛ لا تمثل إستهلاك الساكنة، بل هي محصلة الإستهلاك، الفلاحي بالمنطقة من طرف الضيعات الفلاحية، التي تقدر بإثنا عشر ضيعة؛ تصدر أطناناً من المنتوجات الزراعية إلى الخارج، إذ تنتج مابين ال40 وال60 ألف طن، سنويا من المنتجات الفلاحية، أغلبها حمضي يستنزف الماء الكثير. ولا تتوفر مدينة الداخلة إلا على خزان وحيد للمياه، والذي أصبح يعرف تناقصاً حاداً، يزداد بمرور السنين، في وسط صحراوي؛ يتراوح المعدل السنوي للأمطار فيه، ما بين 10و150 ملم  في السنة.

الفرشة المائية بالداخلة.. فقدت في إثنا عشر عاماً أكثر من أربعين سنة

وكشف أحمد نافع، الكاتب العام للجمعية الصحراوية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية لجهة الداخلة واد الذهب، حديثه له مع صحيفة الدار، ”أن الكمية التي استهلكت ما بين 1960، وسنة 2000، أقل بكثير مما استهلك ما بين سنتي 2000 و2012، التي تستهلكها الضيعات غير معروفة، بسبب عدم توفرها على عدادات، والتي لا تدفع ثمناً لا سوى أتاوات تبلع 0،04 درهم للتر“.

وأضاف نافع، أنه ”من المحتمل أن تسجل الداخلة عجزاً مائياً في أفق عشر سنوات المقبلة، ففرشتها المائية أحفورية، ولا مصادر للتغذية لها، كالأنهار أو غيرها، في صحراء تساقطاتها قليلة“، الأمر الذي ”يطرح أكثر من علامة إستفهام ويستدعي تدخلاتٍ عاجلةٍ بسبب تهديد المدينة جراء الإستغلال المفرط للفرشة المائية بثلاث إحتمالات كلها خطِرة؛ العطش، تسرب مياه البحر إلى الفرشة التي ينقص مخزونها، وإنخفاض شبه جزيرة الداخلة عن مستوى البحر وهو الاحتمال الأخطر“.

الداخلة.. عجز مائي في أفق عشر سنوات 

وتسائل ذات المتحدث، عن مصير؛ ”المشروع، الذي كانت وكالة الحوض المائي للساقية الحمراء وواد الذهب؛ منكبةً إعداده، في إطار المخطط المديري للموارد المائية بجهة الساقية الحمراء وواد الذهب، والذي كان من المفترض أن تتم المصادقة عليه في أفق إعداد المخطط الوطني للموارد المائية على مستوى المملكة سنة 2013، والهادف إلى تحديد إستراتيجية وطنية متكاملة في الأجل المتوسط والبعيد لتنمية الموارد المائية“. مضيفاً، ”لقد إختفى، عن أعيننا نحن كمجتمع مدني، الذي طالب بأن تخضع عمليات الري لمعايير محدودة، وإيقاف التسيب، مع تحديد الأتاوات، والكمية التي تتحملها الفرشة“، وأكد نافع، أن بعض ”المستثمرين في الفلاحة، منتخبون في مراكز مسؤولة، وقفوا ضده، للأسف، ورفضوا الحد من استنزاف الفرشة المائية“.

ورأت المشاريع الفلاحية بجهة وادي الذهب لكويرة، النور منذ 1989، حيث تم تجريب العديد من الخضروات والفواكه القابلة للإنتاج، داخل البيوتات البلاستيكية،  ومع مرور الوقت، إقتنع المستثمرون بجودة إنتاج البواكير، وعلى رأسها الطماطم، بحكم أنها ذات مردودية عالية، ومطلوبة في السوق الخارجية بنسبة 100%، وساعدت في ذلك عوامل إنتاج متمثلة في  درجة الحرارة، شبه المعتدلة، وفراغ المنطقة من الأمراض، والحشرات الضارة، ووفرة مياه السقي الباطنية.

وفي السياق، تجدر الأشارة، إلى أن المياه مسألة حقوق، ظل تزايد تعداد سكان المنطقة، وتزداد الحاجة إلى خلق توازن بين جميع المتطلبات التجارية من  موارد المياه؛ بما يتيح للمواطن الحصول على كفايتها من المياه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى