دراسة بريطانية: استغلال القردة في ساحة جامع الفنا “ممارسة منافية للأخلاق”
الدار/ المحجوب داسع
لم يعد السياح الأجانب شغوفون بالتقاط الصور مع قردة ساحة جامع الفناء، المكبلة، ومروضيهم، خلال مرورهم على هذا "المكان الأسطوري" في مراكش، كما لم يعد منظر هذه القردة الذي يبعث على "الشفقة" يستهوي الزوار الاجانب". كانت هذه أهم خلاصات دراسة بريطانية قدمت أمام أزيد من 1200 من علماء البيئة من 40 دولة في 18 دجنبر الجاري، في المؤتمر السنوي لـ"الجمعية الايكولوجية البريطانية" في برمنغهام، بالمملكة المتحدة.
57 في المائة ضد استغلال قردة جامع الفنا والتقاط صور معها
ووفقا للدراسة، التي جاءت بعنوان "تمثل السياح للمكاك البربري (الاسم العلمي:Macaca sylvanus) المكبلة، و المهددة بالانقراض، كدعائم للصور في جامع الفنا بمراكش"، يعتقد أكثر من النصف، أي 57 في المائة من 513 من السياح المغاربة والأجانب الذين أجابوا على استبيان الدراسة، أن مراكش ستكون مكانًا أفضل بدون هذه " القردة"، كما أقر أيضا 40 في المائة من المستجوبين بالمخاطر الصحية المتعلقة بالسلامة، التي ينطوي عليها هذا النوع من الأنشطة، فيما اعتبر 16 في المائة فقط من المستجوبين، أن تواجد قردة المكاك البربري بساحة جامع الفناء، سيجعل مراكش أكثر رونقا وحيوية".
وقالت كريستينا ستازكر، خبيرة وإحدى المشاركات في اعداد هذه الدراسة في تصريح صحفي، ان " ساحة جامع الفنا فضاء جميل بوجود فناني الشوارع، ومحلات الأطعمة التقليدية، والهدايا التذكارية، التي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم"، مشيرة الى أن " اساءة استخدام الحيوانات، والتمثيل بها، يمكن أن يساهم في تكريس صورة سلبية للوجهة التي تتم زيارتها".
باحث مشارك في الدراسة: استغلال القردة ممارسة منافية للأخلاق
من جانبه، اعتبر باحث آخر مشارك في هذه الدراسة، جاي ماكينون، أنه "من العار أن يتذكر السياح الأجانب ذكريات سلبية عن المغرب بسبب هذه الممارسة غير الأخلاقية".
وبحسب الدراسة، يفضل الغالبية العظمى من السياح الأجانب تجنب التقاط الصور مع قردة ساحة جامع الفنا، حيث صرح أكثر من 88 في المائة من السياح الذين شملهم الاستطلاع، أنه لم يسبق لهم أن التقطوا صورًا مع القردة، ولا يعتزمون القيام بذلك، فيما أقر 7 في المائة فقط بقيامهم بذلك، أو ينوون القيام بذلك أثناء زيارتهم لمدينة مراكش، وأغلبهم من مستوى متدني في التعليم، وبدخل منخفض.5 في المائة أقروا بأنهم التقطوا صورة مع القردة في جامع الفنا، ويريدون تكرار تلك التجربة.
وأكد الزوار، الذين التقطوا صور تذكارية مع قردة جامع الفنا، على أصالة هذه التجربة، كما أعجبوا باتصالهم بالحيوان. ومع ذلك، أقر نصفهم، بأنهم يحتفظون بتجربة سيئة من تجربة التقاط الصور مع قردة جامع الفنا، بسبب سوء المعاملة التي يبديها مروضوها مع هذه الحيوانات.
أما الزائرون الذين فضلوا عدم حمل قردة على أكتافهم، والتقاط صور معها، فعبروا بحسب الدراسة، عن عميق حزنهم، واستنكارهم، لما وصفوه بـ"المعاملة السيئة" تجاه هذه الحيوانات، مؤكدين رفضهم لاستغلال الحيوانات بهذا الشكل، والسلوكيات التي يبديها المروضون تجاه القردة.
وأظهرت الدراسة أن " التقاط السياح لصور مع قردة جامع الفنا، حوالي 18 مرة في الساعة يكلفهم سعر يمكن أن يصل إلى 100 درهم للشخص الواحد، وهو ما قد يمكن مروضوها من أجر شهرين يعادل متوسط الدخل الشهري في المغرب خلال ثلاثة أو أربعة أيام فقط من العمل".
أحد الأنواع المهددة بالانقراض بدون حماية
تشير هذه الدراسة الى أن " هذا النشاط، يظل غير قانونيا في المغرب، لكن حوالي 80 في المائة من السياح الذين تم استجوابهم، لم يكونوا يعرفون ذلك. ووفقًا للقانون رقم 29-05 الذي تمت الموافقة عليه في يوليو 2011 بشأن حماية النباتات والحيوانات البرية والتحكم في تجارتها، يُحظر تملك الحيوانات، أو عرضها لأغراض تجارية أو استخدامها لغرض ما، كل الأنواع البرية المهددة بالانقراض، إلا في حالة الحصول على تصريح".
و تقول كريستينا ستازاكر: "انخفض عدد قردة المكاك البربرية بأكثر من 50 في المائة منذ ثمانينيات القرن العشرين بسبب فقدانها لموطنها، والبيع غير القانوني للقردة الصغيرة كحيوانات أليفة".
ويظل الرقم مرشحا للارتفاع، وفقا للدراسة، إذا لم يتم اتخاذ أي إجراءات لحماية هذه القردة المهددة بالانقراض، كما أن مشروع القانون رقم 122-12، الذي يحظر إساءة معاملة الحيوانات أو إساءة استخدامها، والذي يعاقب بغرامة تصل إلى 20،000 درهم ، لم يتم المصادقة عليه بعد.
