واشنطن توصي بتجنّب السفر للصين مع ارتفاع عدد وفيات كورونا المستجد إلى 213
أوصت الولايات المتحدة رعاياها بتجنّب السفر إلى الصين بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ فيروس كورونا المستجدّ بات يُشكّل “حالة طوارئ” على الصعيد العالمي، في وقت ارتفع عدد الوفيات الصينيين جرّاء المرض إلى 213 الجمعة مخلّفًا إصابات فاقت عدد تلك الناجمة عن وباء “سارس” قبل عقدين.
ورفعت وزارة الخارجية الأميركية مستوى التحذير إلى أعلى درجة، داعية الأميركيين إلى “عدم السفر” إلى الصين بينما حضّت المتواجدين فيها على المغادرة.
وقبل ساعات غيّرت منظمة الصحة العالمية — التي تعرّضت لانتقادات بسبب تقليلها من أهمية تهديد الفيروس في البداية — طريقة تعاملها مع المسألة في أعقاب اجتماع أزمة عقد في جنيف.
وقال المدير العام للمنظّمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس لدى الإعلان عن حالة الطوارئ “يشكّل احتمال وصول الفيروس إلى الدول التي تعد أنظمتها الصحية أضعف مصدر القلق الأكبر بالنسبة إلينا”.
وأضاف “علينا جميعًا التحرّك بشكل مشترك للحد من انتشاره بشكل إضافي (…) لا يمكننا وقفه إلا مجتمعين”.
وأشار تيدروس إلى عدم وجود أي ضرورة لوضع قيود على السفر والتجارة مع الصين.
لكن مع وصول الوباء إلى أكثر من 20 بلداً، تولّت السلطات والشركات والأشخاص الذين يشعرون بالقلق في أنحاء العالم التعامل مع المسألة بأنفسها.
وأعلنت الحكومة الإيطالية حالة الطوارئ الجمعة لمدة ستة أشهر لتسريع جهود منع انتشار الفيروس بعد تأكيد إصابتين في روما لدى سائحين صينيين.
وفي بريطانيا، أعلن مسؤولون في قطاع الصحة أنه تم تسجل إصابتين بفيروس كورونا المستجد، في أولى الحالات المؤكدّة في البلاد منذ ظهر الوباء.
وغادرت الجمعة طائرة أرسلتها بريطانيا لإجلاء رعاياها وغيرهم من المواطنين الأجانب من المدينة الصينية وعلى متنها 110 أشخاص بينهم 83 بريطانيًا.
وحضّت اليابان مواطنيها الجمعة على تجنّب السفر إلى الصين عدا في حال الضرورة.
وأعلنت ألمانيا أنها سترسل طائرة إلى ووهان الجمعة لإجلاء “أكثر من مئة” من مواطنيها من المنطقة، بحسب ما أفاد وزير خارجيتها هايكو ماس.
لكن التحذيرات لم تكن حازمة بمستوى التوجيه الذي أصدرته الولايات المتحدة لمواطنيها بشأن عدم السفر إلى الصين إطلاقًا.
وفي إطار مجموعة من الجهود الاستثنائية العديدة لاحتواء المرض، علّقت الكثير من خطوط الطيران الرئيسية هذا الأسبوع رحلاتها إلى الصين أو خفضتها.
وأوقفت منغوليا كذلك حركة النقل مع جارتها العملاقة فأعلنت أنها ستمنع دخول الصينيين أو الأجانب القادمين من الصين بالطائرات أو القطارات أو السيارات، بينما أغلقت روسيا حدودها في أقصى شرق البلاد.
ومنعت بعض الدول دخول المسافرين من ووهان، المدينة الواقعة في مقاطعة هوباي وسط البلاد حيث ظهر المرض أول مرة.
وأوقفت إيطاليا وإسرائيل الخميس جميع الرحلات من وإلى الصين.
وذهبت باباوا غينيا الجديدة أبعد من ذلك، فمنعت جميع الزوار القادمين من “المنافذ الآسيوية” من الدخول.
وأعلنت الصين الجمعة أنها تخطط لإرسال طائرات لإعادة سكان هوباي المتواجدين حاليًا خارج البلاد، مشيرة إلى “الصعوبات العملية” التي يواجهونها في الخارج. وستتم إعادة مواطني ووهان إلى مدينتهم الخاضعة للحجر الصحي، بحسب وزارة الخارجية.
وأعلنت الولايات المتحدة عن أول حالة عدوى بالفيروس من شخص لآخر في الأراضي الأميركية عندما انتقل الفيروس إلى رجل في شيكاغو بعد عودة زوجته من ووهان.
وفي مؤشر على تزايد القلق العالمي، احتُجز أكثر من 6000 سائح بشكل مؤقت على متن سفينتهم السياحية في ميناء إيطالي بعدما ظهرت عوارض لدى راكبين صينيين. وكشفت الفحوصات لاحقًا أنهما لم يكونا مصابَين بفيروس كورونا المستجد.
ورفعت نقابة طيارين في الولايات المتحدة دعوى قضائية ضد شركة الخطوط الجوية الأميركية لمطالبتها بوقف جميع الرحلات إلى الصين.
واتّخذت الصين إجراءات مشددة لمنع انتشار الفيروس، شملت فرض حجر صحي على أكثر من 50 مليون شخص في ووهان ومحاصرة مقاطعة هوباي.
لكن عدد الوفيات والإصابات واصل بالارتفاع.
وارتفع عدد الوفيات الجمعة إلى 213 بعد 43 حالة وفاة جديدة، جميعها في هوباي باستثناء واحدة. وكانت معظم الوفيات لكبار في السن.
وأعلنت اللجنة الوطنية الصينية للصحة الجمعة أنه تم التأكد من وجود 1982 حالة إصابة جديدة، ما يرفع مجموع الإصابات إلى 9692.
ويتجاوز العدد بذلك حالات الإصابة بفيروس “سارس” (متلازمة الالتهاب التنفّسي الحاد) الذي بلغ 8096 عندما انتشر الوباء المشابه في أكثر من عشرين بلداً عامي 2002 و2003، وأسفر عن وفاة 774 شخصًا معظمهم في الصين وهونغ كونغ.
وهناك 102 ألف شخص قيد الرقابة الصحية في الصين حيث يشتبه بأنهم مصابون بعوارض تشبه تلك الناجمة عن فيروس كورونا المستجد.
ويعتقد أن الفيروس الجديد ظهر في سوق بووهان تباع فيه حيوانات برّية وانتشر في ظل موسم عطلة رأس الصينية الصينية التي يسافر ملايين الصينيين خلالها داخليًا وإلى الخارج.
وأغلقت الصين المدارس في أنحاء البلاد ومددت عطلة رأس السنة في مسعى للحد من تنقّل مواطنيها.
وعلق آلاف الأجانب في ووهان منذ أغلقت الأسبوع الماضي، وسارعت الدول لتنظيم رحلات جوية لإجلاء رعاياها.
وأجلت فرنسا الجمعة نحو مئتين من مواطنيها من المدينة. وسيتم عزلهم لأسبوعين فور عودتهم إلى بلدهم.
وقال موظف فرنسي يدعى أدريان ويبلغ من العمر 26 عامًا “من المؤسف أن تترك بلد تشعر بالارتباط به. لكننا كذلك نشعر بالارتياح إذ لا نعرف بأي اتجاه ستسير الأمور في الصين”.
وكانت اليابان والولايات المتحدة أول دولتين تجلي رعاياها الأربعاء.
وتشمل الدول الأخرى التي قامت بالخطوة ذاتها كوريا الجنوبية والهند.
وتم التأكد من إصابة ثلاثة أشخاص كانوا على متن أول رحلة تجلي رعايا اليابان بالفيروس بعد وصول الطائرة، لم تظهر أي أعراض على اثنين منهم، وهو ما يؤكد صعوبة الكشف عن الفيروس.
وتعرّضت اليابان لانتقادات جرّاء سماحها للأشخاص الذين أجلتهم “بعزل أنفسهم بأنفسهم”.
ويذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت حالة الطوارئ على الصعيد العالمي خمس مرّات منذ اعتماد ذلك في 2007 –لإنفلونزا الخنازير وشلل الأطفال وزيكا ومرتين لإيبولا.
ويسمح الإعلان للمنظمة الأممية لإصدار توصيات يتوقع من المجتمع الدولي اتّباعها.
وتراجعت أسواق الأسهم العالمية بعدما علّقت شركات عملاقة على غرار “تويوتا” و”إيكيا” و”ستارباكس” و”تيسلا” و”ماكدونالدز” عملياتها مؤقتًا أو أغلقت العديد من فروعها في الصين.
لكن بدأ التداول في الأسواق الآسيوية على ارتفاع الجمعة بعدما أوصت منظمة الصحة العالمية بعدم فرض قيود على السفر والتجارة في الوقت الحالي.
وفي أنحاء الصين، كان القلق واضحًا إذ تم وضع حواجز مؤقتة في بعض الأحياء السكنية.
المصدر: الدار ـ أ ف ب