الدار/ رضا النهري
الذين يلقون حتفهم يوميا في حوادث السير عبر العالم يصل عددهم تقريبا إلى حوالي مليون ونصف المليون قتيل كل عام، بمعدل يزيد عن المائة وعشرين ألف قتيل كل شهر، وإذا بقينا نعد ونحصي فسنجد أنه في كل 20 ثانية يسقط قتيل في مكان ما من العالم، مع جيوش من المصابين والمعطوبين.
مع ذلك فحوادث السير لا تثير الرعب بقدر ما أثار فيروس كورنا هذه الأيام، حيث وصل عدد القتلى في بضعة أسابيع إلى أقل من ألف، مع بضعة آلاف من المصابين المرشحين للموت.
الفيروسات العادية تقتل الآلاف كل عام، بما في ذلك الزكام العادي، الذي كدنا ننساه، بل اشتقنا إلى أيامه الحلوة حين كان يحول أنوفنا إلى أنهار جارية ونتعايش معه مثلما نتعايش مع أي صديق حميم، ومزعج، ثم يرحل عنا بعد أن نستغله لبعض الراحة والدلال.
اليوم تبدو الأوضاع شبيهة بفيلم هتشكوكي، فلا أحد يدري متى سينتهي. فواحدة من أغنى بلدان العالم، التي يأكل أهلها الجرذان والثعابين والفئران الحية والنافقة، تنهزم أمام فيروس خرج من بطن الزواحف لكي يسكن جسد الإنسان، بل هو سكن مخ الكثيرين في كثير من مناطق العالم، والذين يستعدون للفيروس كما يستعدون للحرب، ويخزنون القوت استعداد للأيام العجاف.. المحتملة.
مر العالم من أوبئة أكثر فتكا وخرجت منها بسلام، أي بورقة رابحة اسمها تحدي البلقاء، وذهبت الأوبئة وفي جعبتها عشرات الملايين من الضحايا، ثم تعود بين الفينة والأخرى، وفي كل الأحوال تأتي الأوبئة بسبب سوء تعايش الإنسان مع الحيوانات، فالطاعون الأسود أتت به الفئران، وأشرس أنواع الأنفلونزا جاءت بها الطيور والخنازير، وها نحن أمام “كورونا”، الذي تجمع فيه ما تفرق في غيره، أي أنه خليط من فيروسات الثعابين والفئران والخفافيش وما إلى ذلك.
ومثلما لكل مصيبة جانبها الإيجابي، فإنه في المستقبل القريب، يمكن للكثير من الجرذان والثعابين والخفافيش والحشرات والقوارض والزواحف، أن تحظى بحظ أكبر في حياة أطول، لأنه من الأكيد أن الصينيين لن يعودوا أبدا إلى افتراسها كما كانوا يفعلون.