بريطانيا تبدأ بإجراءات اكثر صرامة لمواجهة كورونا بعد تحذيرات علمية قاتمة
شددت بريطانيا اجراءاتها لمواجهة تزايد انتشار فيروس كورونا وفرضت الحكومة اجراءات غير مسبوقة في وقت السلم بعد نصيحة علمية بأن الاصابات والوفيات بسبب الفيروس قد تتصاعد في حال عدم اتخاذ اجراءات صارمة.
وعمد مزيد من الشركات الى ارسال موظفيه للعمل من المنزل، كما فرغت وسائل المواصلات بعد أن دعت الحكومة الى وقف التواصل الاجتماعي “غير الضروري” والسفر غير الضروري مع ارتفاع عدد الاصابات بمرض كوفيد-19 الى اكثر من 1500 وعدد الوفيات الى 55.
ويتوقع أن تفرض السلطات قيوداً أكثر صرامة في الأيام المقبلة، بينها اجبار الاشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية خطيرة على البقاء في منازلهم لفترة ثلاثة أشهر لتخفيف الضغوط على النظام الصحي في البلاد.
ويتوقع أن تكشف الحكومة في وقت لاحق الثلاثاء عن تفاصيل قوانين الطوارئ في البرلمان الذي حُظر على المواطنين حضور مناقشاته ولقاء او زيارة نوابه.
ونصحت بريطانيا مواطنيها الثلاثاء بتجنب جميع أشكال السفر غير الضروري الى خارج البلاد خلال الأيام الثلاثين المقبلة في ظل ظروف انتشار الفيروس.
وقال وزير الخارجية دومينيك راب في بيان “يواجه المسافرون البريطانيون خارج البلاد الآن قيودا دولية واسعة على الحدود وعمليات إغلاق في بلدان مختلفة”.
وواجه رئيس الوزراء بوريس جونسون انتقادات بسبب تعامله مع الوباء بحيث امتنع عن فرض اجراءات صارمة على غرار الدول الأخرى لمواجهة انتشار كوفيد-19.
لكنه عزز الرد بعد أن حذر علماء من ان مئات الالاف قد يموتون في بريطانيا والولايات المتحدة اذا انحصر التركيز على تأخير او ابطاء الاصابات بالفيروس.
وخلصت الوثيقة التي شارك في اعدادها 30 من اعضاء فريق التعامل مع كوفيد-19 في كلية امبيريال كولدج في لندن، إلى أن وقف الفيروس هو “الخيار المفضل”.
وقال العلماء ان ذلك يتطلب مجموعة اجراءات هي “عدم الاختلاط الاجتماعي والعزل المنزلي للحالات والحجر المنزلي لافراد عائلات المصابين”.
وأضافوا ان “اجراءات التدخل المكثف هذه .. يجب أن تستمر حتى يتوافر لقاح (ربما خلال 18 شهرا أو أكثر)”.
وتوقعوا ان “يعاود المرض الانتقال بسرعة في حال التهاون في هذه التدخلات”.
ويعتبر عالم الاوبئة نيل فيرغسون، الذي أشرف على إعداد الوثيقة، مستشار المجموعة العلمية للطوارئ التي تقدم المشورة للحكومة والتي تساعد على تنسيق الرد على كوفيد-19.
وقال انه اطلع ادارة الرئيس دونالد ترامب على هذه التوقعات الاسبوع الماضي، وبعث لها بنسخة من التقرير خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وعقب هذا التحذير القاتم، اعلنت كل من لندن وواشنطن الاثنين اجراءات مشددة جديدة لمنع الاختلاط الاجتماعي.
فقد فرضت بريطانيا عزلا منزلياً في حال ظهرت اعراض المرض على أحد أفراد العائلة، وطلبت من السكان الابتعاد من الحانات والنوادي والمطاعم والمسارح ونصحت بعدم المشاركة في تجمعات حاشدة بينها الانشطة الرياضية.
اثار اعلان جونسون مخاوف بشأن التأثيرات على الاعمال وخصوصا قطاع الضيافة وسط مخاوف من تبعات اقتصادية واسعة للوباء.
وحذرت نقابة الحانات البريطانية من ان الالاف قد يفقدون وظائفهم، وأن الحانات قد تواجه صعوبات كبيرة في حال لم تتدخل الحكومة.
اما اتحاد الصناعات الابداعية فقال ان الفنون تواجه “ضربة قاسية” لابتعاد الناس من الفعاليات الفنية.
وأكد جونسون على الدوام أن الحكومة، التي وعدت بمجموعة مساعدات بقيمة 30 مليار جنيه استرليني للأفراد والشركات المتضررة، ستتصرف على اساس المعلومات العلمية الأخيرة.
واستندت دراسة امبيريال كولدج الى بيانات من ايطاليا للاسترشاد بتأثير الفيروس المحتمل في بريطانيا والولايات المتحدة في حال وجود بيئة اجتماعية خارجة عن السيطرة.
وتوقعت اصابة 81% من البريطانيين والاميركيين بالفيروس ووفاة 519 الف شخص في بريطانيا و2,2 مليون في الولايات المتحدة، على ان تبلغ الذروة بعد ثلاثة أشهر.
ولكن في حال واصل البلدان سياسات التخفيف من تأثيرات الفيروس التي أعلنا عنها مؤخرا، فإن عدد الوفيات قد ينخفض الى النصف ولكن انظمة الرعاية الصحية ستبقى مثقلة.
وتوقعت أن تكون الطريقة الوحيدة لتجنب اعداد كبيرة من الوفيات هو خفض عدد الحالات بشكل عاجل من خلال اساليب التخفيف.
وصرح فيرغسون لشبكة بي بي سي الثلاثاء “ليس من الممكن فعل أي شيء باستثناء تبني الاستراتيجية التي تم اعلانها بالأمس”.
وقال ان نسبة الوفيات المقارنة “واضحة بشكل متزايد بأنها ليست اسوأ سيناريو معقول، ولكنه اسوأ سيناريو محتمل”.
ووصف تيم كولبورن من معهد لندن للصحة العالمية في يونيفيرستي كولدج الدراسة بأنها “عمل رائع لأفضل علماء الأمراض المعدية في العالم”.
وقال ان “النتائج جدية للغاية .. وأمامنا اوقات صعبة”.
المصدر: الدار ـ أ ف ب