الدار/ رضا النهري
لم يحدث أن عاشت المنازل المغربية وضعا شبيها بالذي تعيشه الآن، حيت أدى للحجر الصحي الى مكوث ملايين العائلات في المنازل، واستهلكوا بشكل غير مسبوق البرامج التلفزيونية والإذاعية، وهو شيء قد لا يتكرر في مقبل السنوات والعقود.
وبشكل خفي، اشتعلت منافسة حادة بين التلفزيون والراديو، بحيث تقضي الأسر المغربية الساعات الطوال في مشاهدة برامج التلفزيون او الاستماع الى برامج الراديو، وهذه المنافسة مالت بشكل واضح لصالح الراديو، الذي عاد إلى أيام مجده الأولى، حيث أصبح الوسيلة المفضلة للناس خلال الحجر الصحي.
مقابل ذلك فقد التلفزيون الكثير من سطوته، خصوصا مع غياب البرامج الناجحة، التي كانت تتم في الغالب بحضور الجمهور، وهذا ما لم يعد ممكنا خلال الحجر الصحي، كما غابت مباريات كرة القدم التي كانت تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة، كما نفر الكثيرون من التلفزيون لأسباب مختلفة متعلقة إما بالحذر من التفتح المبالغ فيه لبعض الأفلام والبرامج، او بسبب مكوث “نجومه” في البيت.
ومقابل هذا النكوص التلفزيوني، حقق الراديو انتفاضة كبيرة، حيث تحول الى وسيلة اتصال جماهيرية خلال الحجر الصحي، وعمدت الكثير من القنوات الإذاعية، العمومية والخاصة، الى تتبع مجريات وتفاصيل ما يعيشه المغرب خلال الحجر، كما فتح المجال واسعا لقطاع عريض من المواطنين للتدخل عبر الهاتف للإدلاء بآرائهم حول الظروف الاستثنائية التي يعيشها المغرب، وكل بقاع العالم.
ربح الراديو لهذا الرهان تم أيضاً بفضل تتبعه المستمر لحملة التضامن الواسعة التي عرفتها البلاد بسبب الوباء، وايضا كان صلة وصل بين عدد من المصابين وعائلاتهم،، غير ان العامل الأهم هو ان الراديو تحول الى وسيلة ذات مصداقية كبيرة في نقل الاخبار وتصحيح الاخبار المغلوطة في وقت تناسلت فيه الإشاعات بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم يستطع التلفزيون مجاراة الراديو في هذه الدينامية الكبيرة، حيث صارت الاذاعة وسيلة شعبية جداً، وأيضاً وسيلة لبث اخبار ذات مصداقية كبيرة، من دون إغفال ان الراديو صار الرفيق الأمثل لربات البيوت داخل المطبخ، حيث يقضين ساعات طويلة كل يوم.
ربح هذا الرهان الصعب من طرف الراديو صار يتطلب مهمة أصعب وهي الحفاظ على هذا النجاح حتى مع نهاية الحجر الصحي، وهو ما ستؤكده او تنفيه الايام والسنوات المقبلة.
ا