الدار/ رضا النهري:
أسابيع مرت من دون أن يتابع عشاق كرة القدم مباراة واحدة، سواء على الملاعب أو على شاشات التلفاز، وهذا وضع سريالي لم يكن أحد يتخيله بالمطلق، لكن فيروس “كورونا” له قوانينه التي تعلو كل القوانين.. حتى اللحظة.
في هذه الأيام، أدرك عشاق كرة القدم ان هذه اللعبة لم تكن مجرد لعبة، وأنها طقس شبه يومي لا يدرك أهميته إلا بعد فقده، لذلك فإن الكثير من عشاق الكرة، في مختلف بقاع العالم يضربون كفا بكف وهم يمارسون لعبة الخيال، أي أنهم يتخيلون أنفسهم في الملاعب يتفرجون حماسا وهم يشجعون فرقهم ، أو في أقل الأحوال، يجلسون أمام التلفاز وهم يتابعون مباريات فرقهم المفضلة.
ففي الأيام العادية، حين كانت كرة القدم متاحة للجميع، في الملاعب وعبر التلفزيون، كانت وسيلة للتنفيس عن مختلف المشاعر، بما فيها المشاعر النبيلة والسيئة، وهو تنفيس يلعب دورا نفسيا واجتماعيا على قدر كبير من الأهمية، حيث تعتبر ملاعب الكرة أفضل معالج نفسي، على الرغم من كل المظاهر السلبية التي تسودها أحيانا.
وتقوم حاليا عدد من القنوات التلفزيونية بإعادة بث الكثير من المباريات، سواء القديمة أو الحديثة، بما فيها مباريات لاهبة أوقفت أنفاس العالم عند إجرائها، لكنها اليوم تشبه أكلة بائتة لا يرغب فيها أحد، فكرة القدم لا تشبه الأفلام والمسلسلات في شيء، إنها رياضة لا غنى لها عن المباشر، وما سوى ذلك مجرد تكرار فارغ.
كرة القدم لا تستمد فقط روحها من جماهير الملاعب والمنازل، بل إن لها جمهورا خاصا جداً في المقاهي والساحات العامة، حين تخلق الكرة مجتمعات حقيقية تدين لها بالولاء، حيث يختلف الناس في أشياء كثيرة، لكنهم يتحدون في تقديم الولاء لقطعة الجلد المستديرة ويهيمون بها حبا.
حاليا تبدو الأوضاع قاتمة لعشاق الكرة، فلا شيء في الأفق غير احاديث متقطعة عن إمكانية عودة الدوريات شهر مايو المقبل، في ملاعب من دون جمهور، وقي حال حدث ذلك سيكون فقط بمثابة مسكن مؤقت للألم، بينما يعاني عشاق الكرة من معضلة أكبر، معضلة الاكتئاب من دون كرة.