“كورونا” في المغرب…الابتلاء في القرآن الكريم سياقاته ودلالاتها
الدار/ خاص
وفيما يلي نص مقال حول الابتلاء في القرآن الكريم: سياقاته ودلالاتها للباحثة بالرابطة المحمدية للعلماء، فرح شويخ.
إن في الابتلاء أسرارا عظيمة في المحاسبة بين العبد وربه سبحانه كما يقول الطاهر ابن عاشور في تحريره وتنويره، وقد ورد لفظ البلاء أو الابتلاء في القرآن الكريم مصرحا به في آيات متعددة، وفي سياقات مختلفة، تحمل دلالات متنوعة، نوردها في الجدول أسفله، معتمدين في ذلك على تفسير (التحرير والتنوير) للإمام الطاهر ابن عاشور:
تعليقات على الجدول أعلاه:
جاء في (لسان العرب): “بلا: بلوت الرجل بلوا وبلاء وابتليته اختبرته، وبلاه يبلوه بلوا إذا جربه واختبره” [مادة: بلا].
الابتلاء يكون بالشر ويكون بالخير أيضا، لكنه شاع في اختبار الشر لأنه أكثر إعناتا للنفس، وأشهر استعماله إذا أطلق أن يكون للشر فإذا أرادوا به الخير احتاجوا إلى قرينة أو تصريح.
الابتلاء من حِكَم الله، يقول ابن عاشور: “الابتلاء من آثار الحكمة الإلهية لترتاض به نفوس أوليائه وتظهر مغالبتها للدواعي الشيطانية فتحمد عواقب البلوى، ولتتخبط نفوس المعاندين وينزوي بعض شرها زمانا”.
الابتلاء في القرآن الكريم قد يرد في سياق الخير لأن فيه مرضاة لله تعالى على الممتثل المطيع لذلك الاختبار الصابر عليه، وفيه أيضا غضب على العاصي.
ورد الابتلاء في القرآن الكريم في سياق الخير بقدر متساوي مع وروده في سياق الشر لكن استعماله في الشر أشهر، كما ورد في سياق الخير والشر معا في خمسة مواضع.
قد يرد الابتلاء في القرآن الكريم في سياق الخير والشر معا في آية واحدة كما في قوله تعالى: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون).
البلاء مستعمل في شدة المكروه من تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه على طريقة المجاز المرسل، وقد شاع إطلاق هذا بصيغة اسم المصدر بحيث يكاد لا يطلق إلا على المكروه. وما ورد منه مستعملا في الخير فإنما ورد بصيغة الفعل. غير أن أغلب الآيات التي ورد فيها البلاء في القرآن جاءت بصيغة الفعل، وهي مع ذلك واردة في سياق الشر أو في سياق يحتمل الوجهين أي الخير والشر معا كقوله تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة).
غالبا ما يكون سياق الخير واردا في اختبار مقدار الصبر، وكذلك في اختبار التكليف، أما سياق الشر فيكون غالبا في اختبار الطاعة وكذلك الأعمال.
الابتلاء في القرآن الكريم أنواع كثيرة منها الابتلاء بالنعم كما في قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة)؛ ذلك أن الله شبه حال أهل مكة وقد أنعم عليهم بنعمة الأمن والرزق وإرسال رسول منهم بحال أصحاب الجنة الذين أنعم الله عليهم أيضا لكنهم أعرضوا عن طلب مرضاته تعالى وعن شكر نعمه الكثيرة. وفي المقابل يكون الابتلاء أيضا بفقدان النعم، والعبد مأجور على الصبر على هذا الاختبار فإن صبر كان ابتلاء خير.
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نقول إننا نحمد الله على كل ابتلاء شرا كان أم خيرا، وعلينا أن نتقبله بالرضا، وأن نستخلص منه الحكمة والموعظة، وأمر المسلم كله خير بإذن الله فإن أصابته ضراء صبر وإن أصابته سراء شكر، ورُبَّ بلوى ظاهرها شر وفي باطنها خير كثير.