الدار/ رضا النهري:
على الرغم نن أزمتها المستفحلة منذ سنوات طويلة، إلا أن الصحافة الورقية تجد نفسها هذه الأيام أمام امتحان غير مسبوق، بعد أن اضطرت الى التوقف عن الصدور ورقيا بفعل جائحة كورونا، وهذا التوقف، مع أنه مؤقت ظاهريا، إلا انه يشي بأن أن الأمور لن تعود أبدا الى ما كانت عليه في السابق، وأن الصحافة المطبوعة قد تكون دخلت نفقا لا يوجد في نهايته بصيص ضوء.
ومثلها مثل كثير من القطاعات، فإن الصحافة الورقية ستجد نفسها أمام تحد وجودي، بعد ان أصبح من المستحيل أن تتوق الى ازدهار مستقبلي، بل كل ما يمكنها ان تفعله لاحقا هو وقف سقوطها الحر، الذي بدأ منذ سنوات، واستفحل مع استفحال تفشي فيروس “كورونا”، الذي غير ويغير أشياء كثيرة.
وحتى مع انتهاء الحجر الصحي وعودة الأوضاع الى طبيعتها، ولو نسبيا، فإنه من غير السهل ان تعود الصحافة الورقية الى التصالح مع قرائها القليلين، المفزوعين أصلا من الفيروس وتوابعه، حيث سيتفادى الناس مصافحة بعضهم البعض لزمن طويل، وبالتالي فهم لن يجرؤوا على تصفح جرائد يعرفون انه تم لمسها من قبل مرارا من طرف أشخاص آخرين.
ومن سخرية الأقدار ان الصحافة الورقية كانت تعتمد في رواجها النسبي على المقاهي، وأيضاً الإدارات العمومية والخاصة، وهذا ما لن يصبح ممكنا في المستقبل، حيث ان المقاهي، بعد ان تعود الى فتح أبوابها، لن يكون اول ما تفعله اقتناء صحف ورقية لزبائنها.
لكن، في وسط هذه العتمة، فإن الصحافة الورقية يمكنها ان ترسخ تقاليد جديدة عبر تكريس قاعدة العمل عن بعد، وهي طريقة أثبتت نجاعتها كثيرا خلال الحجر الصحي، كما ان هذه الصحف انتبهت الى ضرورة تطوير نسخها الالكترونية، في حال توفرها عليها، او انها اضطرت الى ذلك، مما يعزز فرضية تسريع التحول الرقمي، والذي لن يقتصر فقط على الصحافة فيما بعد زمن كورونا، بل سيشمل قطاعات كثيرة.