الدار/ رضا النهري:
بشكل مفاجئ، بدا الناس أكثر اشتياقا للبحر، رغم أن الكثيرين عادة ما يبدؤون في ارتياد الشواطئ مع نهاية يونيو أو بداية يوليوز، لكن لهفة البحر اعترتهم مبكرا هذا العام، والسبب لم يكن سوى مقامهم المطول في الحجر الصحي، وخوفهم من أن ينتهي الصيف وهم، أو أغلبيتهم، قاعدون في بيوتهم.
ما يعكس هذه اللهفة المبكرة للاصطياف هو وفاة طفل في نواحي تطوان غرقا، في شاطئ لم يتوقع أحد أن يرتاده الناس في هذا الوقت المبكر من الصيف، حيث لا تزال النشرات الجوية تعج بالكثير من السحب السوداء، لذلك كانت حادثة الغرق تنبيها للسلطات بأن تنتبه جيدا إلى شواطئ قد يرتادها الناس سرا، وكأنهم “يحْركون” نحو بلد آخر، فهذا الفيروس فعل في الناس الأعاجيب.
إلى حدود الأيام القليلة الماضية، فإن العواصف المطرية وثلج البرد كان لا يزال مهيمنا على مناطق واسعة من المغرب، وكأن الطبيعة تذكر الناس بأن الوقت لا يزال مبكرا على ارتياد البحار، وأنه من الأفضل أن يصبروا قليلا، على أن يضطروا إلى الصبر الطويل جدا.
لا يزال أمام المغاربة قرابة ثلاثة أشهر من الصيف القائظ، فالصيف لا ينتهي بنهاية غشت، بل قد يمتد إلى حدود بداية أكتوبر، وخلال كل هذه المدة يمكن للناس أن يسبحوا ويمرحوا ما شاؤوا، شرط أن يتريثوا قليلا، وينضبطوا لإجراءات الحجر الصحي التي لن تستمر كما كانت عليه في البداية، بل ستتلاءم قليلا مع ظروف الصيف ومتطلباته.
ويبدو أن المغاربة ليسوا وحدهم من يعيشون هذه اللهفة المبكرة للاصطياف، ففي الجارة إسبانيا عادة ما يقصد الناس البحر للسباحة في كل أوقات السنة، حين تكون الشمس مناسبة طبعا، لكنهم، مع ظروف الحجر الصحي، فإنهم تقاطروا هذه الأيام على الشواطئ، وحدث ازدحام لم تتوقعه المصالح الصحية، وأصبحت مسافة الأمان المطلوبة، وهي عشرة أمتار بين كل مصطاف، مجرد حلم، فاضطرت السلطات إلى إغلاق شواطئ كثيرة في انتظار أن تخمد لهفة البحر.
المغاربة محظوظون ليس فقط في الحصيلة المنخفضة للإصابات بالكوفيد ووفياته، بل أيضا لأن مساحة شواطئهم تمتد لقرابة أربعة آلاف كيلومتر، وهذا ما يمنح الجميع مسافة أمان معتبرة في لاحق الأيام، شرط ألا يفعل الناس في الشواطئ ما يفعلونه في الأسواق.