الدار/ رضا النهري:
تمر أشياء غريبة خلال هذه الأشهر العصيبة، أهمها أن الناس يكتشفون أشياء كان من الصعب أن يكتشفوها خلال الأيام العادية، بما في ذلك أسرار الكثير من الأموات الذين يرحلون هذه الأيام، سواء جراء كورونا أو غيرها.
هذه الأيام ماتت فيرا لاين، وكثيرون جدا يعرفون من تكون، وكثيرون جدا لم يسمعوا بها بالمرة، لكن هذه المرأة عاشت ما يكفي لكي تصبح حديث العالم في أكثر من مناسبة، حيث كانت إحدى المطربات الأكثر شهرة في زمانها.
ولدت لاين في العاصمة البريطانية لندن سنة 1917، أي قبل سنة واحدة من نهاية الحرب العالمية الأولى، ولأنها لم تعش أهوال تلك الحرب، فقد قدر لها أن تكون في معمعة الحرب العالمية الثانية، حين أدت أغنية “سنلتقي مجددا”، وهي الأغنية التي عكست الآمال الكبيرة التي تعلقت بها أمتها، وأيضا كل الأوربيين، حين كان الجيش الألماني، بزعامة الفوهرر أدولف هتلر، يبتلع بلدان أوربا كما لو أنه يقضم تفاحة.
بعد الحرب تحولت فيرا لاين إلى أيقونة للنصر، فقد تحولت أغنيتها تلك إلى ما يشبه النشيد الوطني لكل المنتصرين، وتلقت لاين وساما رفيعا جعلها واحدة من أبرز الشخصيات في تاريخ بريطانيا وأكثرهم تأثيرا على المستوى الرسمي والشعبي.
أغنية “سنلتقي مجددا” التي أدتها لاين في الحرب العالمية الثانية لترفع معنويات الجنود والشعب، عادت بقوة خلال أيام الحجر الصحي التي يعرفها العالم، فاختارت الملكة إليزابيث الثانية هذه الأغنية لتجعل منها أيقونة للنصر على فيروس “كورونا”، فأعاد البريطانيون غناءها، وكثيرون لم يغنوها من قبل، أو أن آباءهم وأجدادهم غنوها خلال الحرب العالمية الثانية.
ماتت فيرا لاين عن 103 عاما، أي أنها عايشت كل شيء تقريبا، الأهوال والحروب والأوبئة والمجاعات التي ضربت العالم في أكثر من مكان، ومن غريب الصدف أنها ودعت العالم بينما الناس يلهجون بأشهر أغانيها “سنلتقي مجددا”.. ومن الأكيد أن الفيروس سينحسر وسيلتقي الناس مجددا.. كما كانوا دائما.