الدار/ رضا النهري:
أغلب البلدان التي قررت تخفيف إجراءات الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا، أعلنت أن هذه القرارات غير نهائية، وأنها ستعود في أية لحظة إلى تشديد الإجراءات الوقائية في حال لم يتبع الناس الإرشادات المعمول بها في هذا الإطار.
وتحس منظمة الصحة العالمية بغبن كبير وهي تنظر إلى القرارات الحكومية القاضية بتخفيف كبير في إجراءات الحجر الصحي، على اعتبار أن العالم يشهد أكبر موجة من الإصابات بفيروس كورنا حاليا، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة حول هذا المتناقض المحير.
كما أن الناس، في مختلف بلدان العالم، يبدون وكأنهم قطعوا النهر بأمان، وأصبحوا في مأمن من شرور الفيروس، وهو ما جعل أغلبيتهم يتخلون عن التزام الحيطة، وعلى رأسها ارتداء الكمامات.
وبدا لافتا أن البلدان الأوربية التي كانت سباقة إلى تخفيف واسع لإجراءات الحجر الصحي، سقطت في تناقضات غير مفهومة، بالنظر إلى أنها فتحت الباب على مصراعيه للسياح، في الوقت الذي لا تزال تفرض قيودا على مبادئ السلامة في الشواطئ والمنتجعات والخدمات العامة مثل المطاعم والمقاهي والحانات.
وشكل تراجع الوفيات محفزا رئيسيا لتخفيف إجراءات الحجر، غير أن معدل الإصابات قفز إلى نسب قياسية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث بلغ مليون مصاب في ثمانية أيام، في الوقت الذي انتظر العالم ثلاثة أشهر لتسجيل المليون الأول من المصابين.
ويوجد العالم حاليا أمام مفترق طرق خطير ومصيري، فمن جانب لا يمكن الاستمرار في فرض الإجراءات الصارمة للحجر الصحي بالنظر إلى وصول الاقتصاد إلى نفق مسدود ومعاناة الأغلبية الساحقة من الناس من ضائقة مالية كبيرة، ومن جانب آخر فإن منظمة الصحة العالمية تحذر من موجة وفيات ثانية قد تحرق الأخضر واليابس.
لكن السؤال المصيري الذي يتداوله كل سكان العالم في هذه الفترة الغامضة من حياة الفيروس هو هل وصلت مرحلة التعايش الإجباري مع الفيروس كيفما كانت النتائج..؟ ويبدو أن هذا السؤال هو الذي سيحدد مصير البشرية خلال الأسابيع والأشهر، أو السنوات والعقود المقبلة، لأنه إذا مرت الفترة التجريبية للتعايش مع الفيروس بسلام، فسيكون العالم قد اجتاز نصف المسافة بأمان.. لكنها ليست المسافة كلها.
