بقلم : يونس التايب
رسميا نحن بصدد الدخول الفعلي إلى أجواء أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة، ستسببها تداعيات الجائحة الوبائية المستمرة منذ أزيد من ثلاثة أشهر. و كما كنا نقول ذلك قبل الوباء، يحتاج التدبير العمومي للأزمة إلى أن يكون على أعلى درجات المسؤولية والتميز والكفاءة والمردودية والتعبئة و حسن التواصل. ذلك مطلب سياسي و ديمقراطي، تفرضه الانتظارات الشعبية وتستوجبه النجاعة الاقتصادية المرجوة لتنمية الوطن.
أقول هذا دائما بشكل عام و دون شخصنة. لكني اليوم أقوله بإلحاح أكبر و بشخصنة متعمدة، أتفاعل فيها مع ما عرفته الأيام القليلة الماضية، من عمل كبير تم في صمت وباحترافية عالية، من طرف مصالح وزارة الداخلية ومصالح وزارة التربية الوطنية، في كل الأقاليم والعمالات، لاتخاذ ترتيبات لوجيستيكية استثنائية وتهيئ الظروف المادية والتنظيمية كي تجري امتحانات الباكلوريا في احترام للإجراءات الاحترازية الوقائية من فيروس كورونا، و نتفادى سنة بيضاء لا شيء كان سيبررها.
هكذا تمت تعبئة عدد كبير من الفضاءات لاستقبال 441 ألف تلميذ سيجتازون هذا الامتحان الهام، و ضمان التباعد الجسدي بينهم. و تم لذلك الغرض توفير تجهيزات إضافية من كراسي وطاولات وزعت على كل المواقع المعنية، وتم توفير مواد التعقيم والكمامات الوقائية، وآلات قياس الحرارة، و أقنعة واقية ستمنح للتلاميذ طيلة أيام الامتحان. كما تمت تعبئة عدد قياسي من الأطر التربوية والتعليمية، بأعداد كافية لضمان جودة و سلامة العملية في أبعادها التربوية، من إشراف و حراسة و تصحيح، مع تم توفير شروط الحماية والراحة للجميع، وتوفير الأمن العمومي في الفضاءات المحيطة بنقط اجتياز الامتحان و ضمنها.
بدون نية في المحاباة و لا رغبة في توزيع الورود، أحتفظ منذ أول أيام حالة الطوارئ الصحية، بيقين قوي بأن جائحة كورونا أكدت المعدن الأصيل لأبناء المغرب، وبينت أن للوطن رجالاته الغيورون على توابثه، وأظهرت حقيقة ما يتميز به بعض المسؤولين على رأس قطاعات وزارية معينة، محدودة للأسف، من التزام صادق و إحساس عال بالمسؤولية، تجسد في انخراطهم، هم و كل المصالح الإدارية التي يشرفون عليها مركزيا وجهويا، في خدمة المواطنين في ظرف عصيب نحن فيه في حاجة لسلطات عمومية مواكبة، مدعمة، متفاعلة ومتواصلة، بشكل جيد يشيع الطمأنينة و يقوي همم الناس لتظل عالية، ونحافظ بذلك على السفينة التي تجمعنا و نجنبها الغرق من جراء أمواج عالية ومتلاطمة بسبب داء فتاك باغث العالم و أوقف حركته.
وفي نفس الوقت، و بموضوعية تامة، يمكن الجزم أن هذه الجائحة عرت ضعف مجموعة من القطاعات الحكومية، وأبانت عن غياب أي كفاءة لمسؤوليها، و أي أثر أو نفع يمكن أن يصل منهم ليحسن واقع الناس ويخفف عنهم. مسؤولون أكدوا أنهم عاجزون عن بلورة استراتيجيات عمل لمواجهة التحديات و التغلب على إكراهات زمن الأزمة، تماما كما لم يكونوا قادرين على فعل ذلك من قبل.
لذلك، أظن أنه كما يحلو لنا أن نتفاعل مع الأشياء السلبية في واقعنا الوطني، و ننتقدها و نعاتب المسؤولين عنها، من الواجب الأخلاقي و السياسي أن نتفاعل، أيضا، مع نقط الضوء التي تفرض نفسها، و نبرز العمل الجاد، في كل الملفات أو في ملف بعينه، و نشير إلى من قام به، و نعبر لمن اجتهد من مسؤولينا العموميين عن تنويهنا و تقديرنا.
بذلك، سيكون في تعبيرنا اعتراف للناس بفضلها، و دعم معنوي لهم، وترافع تلقائي و مواطن يزكي مطالب تخصيص الدعم المادي للقطاعات التي أتبث وزراءها استحقاقهم، حتى نعينهم ليستمروا في تأدية مهامهم بأريحية لخدمة المواطنين.