أخبار الدارسلايدر

هل تنجح السلطات في حماية مكاسب الحجر الصحي؟

ما حدث من احتجاجات في بعض أحياء مدينة طنجة يوم الاثنين الماضي مؤشر خطير على مرحلة صعبة نقبل عليها بعد شهور من بداية جائحة كورونا. وبينما لا يزال أفق الحل العلاجي أو الطبي غير واضح في كل مناطق العالم، تضع تدابير الوقاية والإجراءات الاحترازية وتدبير الأزمة الصحية السلطات العمومية أمام تحدي كبير بسبب حالة التراخي والانفلات المسجلة منذ رفع القيود عن مختلف المدن المغربية في الشهر الماضي. وفي الوقت الذي أبدت فيه السلطات في الشهور القليلة الماضية نجاعة فريدة من نوعها في تنسيق الإجراءات وتنظيمها وفرضها ومتابعة تطبيقها بشكل جعل المغرب تجربة مميزة إقليميا ودوليا، تتزايد المخاوف اليوم من انتكاسة تهدم كل ما سبق بناءه.

فبعد تزايد عدد حالات الإصابة وأعداد المعالجين في أقسام الإنعاش، وكذا الارتفاع الطفيف في أعداد الوفيات بدأت السلطات العمومية تتوجس من خروج الحالة الوبائية عن السيطرة، خصوصا مع تراخي المواطنين وتساهلهم الملحوظ مع إجراءات السلامة والوقاية كالتباعد الجسدي وارتداء الكمامات على الخصوص. وفي ظل استمرار هذا التراخي كان من الطبيعي أن تلجأ السلطات على لسان وزيري الداخلية والصحة إلى التحذير من مخاطر ارتفاع أعداد الإصابات وبالتالي العودة مجددا إلى فرض قيود احترازية تشمل الحد من التنقلات والتحركات.

ويتنامى في أوساط الرأي العام شعور بأن السلطات قد تتجه نحو العودة إلى فرض القيود على مختلف المناطق المغربية. وفي هذا السياق جاء استنكار وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، خلال اجتماع عقده اليوم بمقر وزارة الداخلية لعدم الامتثال للتدابير الوقائية التي ما فتئت توصي بها السلطات العمومية، حيث ساهم هذا التهاون في اتساع مدى الوباء وظهور بؤر وبائية بعدد من الوحدات الإنتاجية كما كان الحال بكل من منطقة لالة ميمونة بإقليم القنيطرة.

ويزداد احتمال العودة للحجر الصحي قوة بناء على لهجة بلاغ وزارة الداخلية التي أكدت على أن السلطات العمومية لن تتوانى عن اتخاذ جميع التدابير الضرورية التي تستلزمها ضرورات الأمن الصحي لعموم المواطنين، بما في ذلك إغلاق الوحدات التي لا تحرص على الالتزام بالتدابير الاحترازية المقررة وبقواعد البروتوكول الصحي المعمول به، ومتابعة المسؤولين عنها إن اقتضى الأمر، مذكرا بكون صحة الشغيلة تبقى من مسؤولية المشغل، الذي يعد من الناحية القانونية والأخلاقية ملزما بتوفير الظروف الملائمة للعمل داخل الوحدات الصناعية والإنتاجية أو للتنقل من خلال وسائل نقل المستخدمين وذلك للحد من انتشار هذا الوباء بين صفوف العاملين بهذه الوحدات وتطويق انتشار العدوى بين صفوف عائلاتهم ومخالطيهم، وما ينتج عن ذلك من تداعيات وانعكاسات سلبية على النظام العام الصحي.

وعلى الرغم من أن هذه القيود التي يتحدث عنها البلاغ تظل جزئية وتشمل الوحدات الصناعية المعنية فقط، إلا أن الوضعية الوبائية المقلقة خلال الأيام الماضية تنذر بكل الاحتمالات بما فيها تلك المتعلقة بتعميم فرض القيود. غير أن الأكثر إثارة للقلق في هذا الملف الحساس هو هذا التمرد الملحوظ الذي بدأ السكان يعبرون عنه علانية تجاه أي إجراءات احترازية بشكل قد يهدد كل ما تم إنجازه من مكتسبات على مستوى تدبير جائحة فيروس كورونا. وعلى الرغم من أن جانبا أساسيا من هذا التمرد سببه الوضعية الاقتصادية التي أثرت على ذوي الدخل المحدود إلا أن التراخي الملحوظ يرتبط على ما يبدو بعودة نظرية المؤامرة إلى الانتشار والشيوع بين الناس بدعوى انخفاض نسبة الوفيات في الحصيلة النهائية. فهل تنجح السلطات العمومية في الحفاظ على نجاحها السابق؟

زر الذهاب إلى الأعلى