الأزمة وخطابها يؤثثان المشهد مع اقتراب الانتخابات
الدار / افتتاحية
من الواضح أن هناك مساعي حثيثة لتأزيم الوضع السياسي في المغرب ونحن على مشارف دخول سنة انتخابية ستتميز بإعادة انتخاب نواب الأمة وتؤدي ربما لفرض خريطة سياسية وتحالفات جديدة. وكلما اقترب موعد هذه الانتخابات التي يتوقع أن تجري في يونيو من العام المقبل، ترتفع درجة حرارة التنافس والتدافع بين مختلف الفاعلين المتنافسين. ولربما نعيش هذه الأيام على إيقاع بعض إرهاصات هذا التأزيم الذي يسبق البحث عن مكتسبات سياسية وانتخابية صرفة. قبل أيام قليلة لم يتردد بعض أعضاء قيادة حزب العدالة والتنمية في فتح فرضية الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي للحزب من أجل مراجعة تجربته في الحكومة، وربما الإتيان بقيادة جديدة على رأسه.
وقبل هذه الدعوة الداخلية في البيجيدي، تنامت دعوات أخرى لتشكيل حكومة وحدة وطنية مكونة من كل الأحزاب، بل بلغ الأمر ببعض المقترحات حد اقتراح رئاستها من طرف ولي العهد الأمير مولاي الحسن. ويبرر دعاة حكومة الإنقاذ الوطني مقترحهم بالأزمة الصحية التي خلفتها جائحة فيروس كورونا. لكن الأزمة وخطابها، لا يسريان فقط في أوصال التحالفات والأحزاب السياسية قبيل الانتخابات المقبلة، هناك أزمات موازية يتم اختلاقها هنا وهناك. من بين هذه الأزمات تلك التي أثارها معتقلو حراك الريف الذين دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام، مع تصعيد إعلامي وكلامي من طرف عائلاتهم خارج المغرب. هذه المشكلة من المرتقب أن تتطور أكثر في الأسابيع المقبلة، وقد تخلق حرجا كبيرا للمغرب فيما يتعلق بسجله الحقوقي، خصوصا أن الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية تتصيد الفرص للنيل من المغرب ومن صورته على الصعيد الدولي.
تأتي هذه الإشارات في سياق أزمة عامة أثارتها جائحة فيروس كورونا، ومعضلة الحسم في الدخول المدرسي. كما تأتي في إطار أجواء سياسية تميل باستمرار إلى استغلال كل الأحداث أو الحقائق التي يتم كشفها بين الفينة والأخرى لمحاولة تحويلها إلى قضايا مثيرة للجدل. هذا ما أفرزته على سبيل المثال مسألة تعيين بعض الأعضاء الجدد في مجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء. لقد كان من الممكن أن يمر هذا التعيين مرور الكرام لو تم في ظرفية سياسية عادية لكن تزامنه مع مقدمات الزمن الانتخابي جعلت منه قضية من قضايا الرأي العام التي يحاول كل طرف استغلالها لصالحه. وهذا ما يفسر قرار حزب الأصالة والمعاصرة الصادر قبل أسبوع بتجميد عضوية جميع أعضاء الحزب المعينين في هذه الهيئة، وإحالة ملفاتهم على اللجان الجهوية للقوانين والأنظمة الداخلية.
كل الأحداث والتطورات قابلة للتأزيم ومن ثمة للاستغلال السياسي الذي يمكن أن يخدم مصلحة هذا الحزب أو ذاك، أو ذلك الفاعل أو ذاك في أفق الانتخابات المقبلة. ومن ذلك هذه الحروب الكلامية التي لا تنتهي على مواقع التواصل الاجتماعي بين الكتائب الإلكترونية المحسوبة على جهات مختلفة من الموالاة أو المعارضة، أو حتى من أنصار المقاطعة السياسية. يتعين إذا الحذر من خلفيات جل محطات الجدل والخلاف السياسي التي ستسفر عنها الشهور المقبلة، فالحرب الانتخابية بدأت تستعر، وكلما اقتربنا من 2021 سيزداد سعارها، وقد تعصف في مراحل معينة ببعض الوجوه أو الهيئات. لكن المؤكد أن المحرك الأساسي لها هو هاجس صناديق الاقتراع.