الدار/ رضا النهري:
في آخر رسالة كتبها إلى والده قال جيمي “إني لا أزال احتفظ بغيتاري.. ومادام إلى جانبي فإني بخير، سأظل أعيش وأتنفس، حتى لو لم آكل كل يوم.. سأظل أتمشى وأجري وأصارع.. أو على الأقل سأحاول ذلك”.
كانت هذه العبارات جزءا من رسالة طويلة، وفيها يعبر هذا الموسيقي الأسمر المذهل عن فلسفته الخاصة في الحياة، حياة قصيرة جدا عاشها وفيا لشيء واحد فقط، غيتاره الذي أنتج أغاني غير مسبوقة، فصار من أكثر الموسيقيين في العالم شهرة وموهبة وهو لم يصل الثلاثين بعد من عمره.
من الصعب أن تذكر جيمي هندريكس اليوم لجيل كبار السن ولا يعرفونه. لقد كان أيقونة حقيقية في عالم الموسيقى، وأيضا أيقونة في فرض فلسفة حياة لم تدم طويلا، فقد مات سنة 1970، في عز ثورة الشباب على كل شيء، وهو في الثامنة والعشرين من عمره، ويبدو أن القدر لم يمهله طويلا لكي يزرع في الشباب الثائر، في أوربا وأمريكا، المزيد من حقن التمرد على أوضاع سياسية واجتماعية كانت محطة نقمة شعبية كبيرة.
يوصف جيمي بأنه الأب الروحي للروك المعاصر، حين جعل من غيتاره الكهربائي رشاشا موسيقيا حقيقيا غير به قواعد الروك إلى الأبد، فقد كان يعزف كما لو أنه في مهمة مقدسة، وكان عشاقه الكثيرون، ليس في مسقط رأسه في أمريكا فقط، بل في كل العالم، يعتبرونه كوكبا الروك الأكبر، والباقون مجرد نجوم تدور حوله.
مات جيمي هندريكس في وقت لم يتوقع الكثيرون ذلك، مثله مثل مشاهير موسيقيين آخرين، كإلفيس بريسلي. لكن هندريكس ترك غصة في حلق عشاقه لأنه لم يكن مجرد موسيقي، بل كان رائد فلسفة حياة وحامل مشعل تمرد.
أكيد أن الكثير من المغاربة يتذكرون جيمي لسبب وجيه، وهو زيارته الشهيرة إلى نواحي الصويرة سنة 1969، وبالضبط إلى قرية “ديابات”، حيث لا يزال الكثيرون هناك يضعون صورا لجيمي في منازلهم أو متاجرهم، ينما تحمل مقاه ونزُل اسم هندريكس، كذكرى عزيزة لم تزل، رغم مرور 50 عاما على رحيله.