محمد ختو : الفنان الذي يحول الإطارات المطاطية المتلاشية إلى تحف وأمتعة ذات قيمة
استطاع الشاب محمد ختو أن يجسد، بطريقته الخاصة، الحلم الذي راود بعض العلماء إبان فترة العصور الوسطى، والمتمثل في تحويل بعض المعادن العادية مثل الرصاص إلى معدن نفيس من طينة الذهب.
هذا الشاب الأكاديري، الذي يعيش العقد الثالث من ربيع عمره، يتوجه مرة أو مرتين في الشهر إلى سوق المتلاشيات، ليس للبحث عن قطع الغيار المعدنية، ولكن من أجل التنقيب عن الإطارات المطاطية التي انتهت صلاحية استعمالها، وأصبحت في حكم المتلاشيات.
يملك هذا الشاب، الملقب ب”مو”، والمدافع الشرس عن البيئة، قدرة هائلة على وضع تصورات للتحف الفنية والمصنوعات التي يمكن تركيبها انطلاقا من الإطارات المطاطية منذ أول وهلة يقع نظره عليها، وقبل أن يخضعها لعملية إعادة التدوير.
ويبوح محمد ختو بأنه منذ سن الطفولة، ظل يراوده سؤال حول إمكانية إعادة الحياة للإطارات المطاطية التي أدت وظيفتها الأصلية، وتحويلها بالتالي إلى الاستعمال من جديد والانتفاع بها كما يقع بالنسبة لقطع الخشب أو المعادن، حيث يذكر أن الاستعمال الوحيد الذي كانت توظف فيه الإطارات المطاطية المتلاشية هي صنع الدلاء المستخدمة في الحمامات، أو بعض الأواني التي يوضع فيها كلأ الماشية.
وذكر في استجواب مع وكالة المغرب العربي للانباء أنه بعد تقدمه في السن نسبيا، وبحكم إيمانه الشديد بحماية البيئة، أصبحت تراوده فكرة مفادها كيفية تحويل الإطارات المطاطية التي تنبعث منها رائحة كريهة إلى أشياء ومصنوعات تسر العين، وقابلة للتسخير في الاستعمالات اليومية من طرف الافراد.
ويوضح الشاب محمد ختو، أنه بعد اقتناء الإطارات المطاطية في سوق المتلاشيات يخضعها بداية لعملية أولية من التنظيف والتحضير حتى يخلصها مما علق بها من شوائب وعيوب ومن الروائح الكريهة، حيث يمارس صنعته في إطار تعاونية تتخذ مقرا لها داخل قصبة سوس التي تضم بين أحضانها ثلة من الصناع التقليديين الذين يبدعون في مجالات حرفية متعددة من قبيل الخرازة، والمصنوعات الطينية، والنسيج، والنحت على الحجر والخشب… وغيرها.
وبمجرد ما يلج الزائر إلى المحل الذي يضم المعروضات حتى تشد بصره العديد من التحف والمصنوعات التي تم إبداعها وتركيبها انطلاقا من الإطارات المطاطية التي أعيد تدويرها بمهارة فنية غاية في التصور والإتقان. فهناك الأرائك ، والنعال، والحقائب اليدوية، والخزنات، والكراسي، وإطارات وضع المرايا، والأحزمة، بل وحتى بعض الحيوانات التي يمكن استعمالها كديكور مثل الديكة والتماسيح وغيرها.
ويقول محمد ختو أن مجموع هذه التحف والمصنوعات هي عصارة عمل حوالي 15 من الصانعات والصناع اللذين ينتسبون للتعاونية، معربا عن اسفه للانحدار الكبير في عملية الرواج التي تعاني منها التعاونية في الظرف الراهن بسبب تداعيات جائحة كورونا، الشيء الذي جعله يتخلى مكرها عن عدد من المتعاونين الذين لم يبق منهم سوى ثلاثة أفراد.
وأضاف أن تحفه ومصنوعاته كانت تشهد رواجا مربحا قبل الجائحة سواء داخل المغرب أو في الخارج، مشيرا إلى أن أسعار البيع في المتناول، وهي تحدد انطلاقا من طبيعة التحفة ونوعيتها، والمدة الزمنية التي استغرقت عملية الصنع.
فسلة المهملات على سبيل المثال، او آنية لوضع الأقلام تتطلب يوما واحدا من العمل، وعددا قليلا من الإطارات المطاطية لصنعها. بينما يتطلب صنع أرائك أو خزنة كبيرة عددا أكبر من هذه الإطارات وحوالي 10 أيام من العمل.
وكشف محمد ختو، الذي شارك في التظاهرة العالمية “كوب22” وفي العديد من معارض الصناعة التقليدية الوطنية والدولية عن الهدف الأساسي الذي تعمل من أجله تعاونيته ، وهو في المقام الأول حماية المحيط البيئي، مسجلا في هذا الصدد أنه يتم كل سنة إضرام النيران في الآلاف من الإطارات المطاطية بمناسبة المظاهرات الاحتجاجية، أو بفعل طقوس إحياء مناسبة عاشوراء .
وأعرب عن أسفه لكون مثل هذه الممارسات ملوثة للبيئة بشكل كبير، كما تلحق الضرر بصحة الناس ، مؤكدا أنه سيواصل بدون ملل وبإقدام متواصل عمله لفائدة حماية المحيط البيئي.
المصدر: الدار- وم ع