كلاهما قاد منتخب “التانغو”، وكلاهما ارتدى القميص رقم 10، وعلى كل منهما علقت الأرجنتين أحلامها. دييغو مارادونا وليونيل ميسي نُظر إليهما على أنهما من لاعبي كرة القدم الأفضل على مر التاريخ. ولكن إذا كان “الفتى الذهبي” قد قاد بلاده للفوز بكأس العالم عام 1986، فشل ميسي في قيادة الأرجنتين لإحراز أي لقب، لذا كانت العلاقة بين النجمين متقلبة، وكثيرا ما تعرض البرغوث لانتقادات مارادونا، ولمديحه أيضا.
نجمان يملكان العبقرية ذاتها في مداعبة الكرة على أرض الملعب، لكنهما شخصيتان مختلفتان تماما. كان لدييغو مارادونا الذي رحل الأربعاء عن 60 عاما علاقة متقلبة مع مواطنه ليونيل ميسي تخللتها انتقادات شديدة للاعب برشلونة.
بعد الإعلان عن وفاة مثاله الأعلى، قال ميسي: “إنه يوم حزين جدا لكل الأرجنتينيين ولكرة القدم. لقد تركنا ولكنه لن يرحل، لأن دييغو أبدي”.
وتابع حامل الكرة الذهبية في ست مناسبات في منشور عبر إنستاغرام مرفقا بصورتين له مع مارادونا: “سأحتفظ بكل الذكريات الجميلة التي عشتها معه وأرسل تعازي حارة لعائلته وأصدقائه. فلترقد بسلام”.
كلاهما صغيران في الحجم (1,69 متر طول ميسي مقابل 1,65 م مارادونا)، يلعبان بالقدم اليسرى، عبقريان في المراوغات، بطلان في كأس العالم لما دون 20 عاما، وحاملان للقميص رقم 10 في منتخب التانغو.
فالمقارنة مع مارادونا ظهرت سريعا منذ أول أيام “البرغوث” مع النادي الكاتالوني.
كانت المشابهة مدهشة عندما قام ميسي خلال مباراة في كأس إسبانيا عام 2007 ضد خيتافي بتكرار لقطة مارادونا الخالدة في الذاكرة لهدفه الثاني ضد إنكلترا في ربع نهائي كأس العالم 1986، حين راوغ ستة لاعبين بمن فيهم الحارس بيتر شيلتون قبل أن يسكن الكرة الشباك.
لذا فالمقارنة بدأت باكرا عندما كان ميسي في العشرين من عمره لاعبا واعدا. وروى والده عبر قناة أرجنتينية وبحضور مارادونا كيف كان كان لاعب روزاريو السابق صاحب الشعر الطويل حينها يشاهد أهداف ومباريات “بيبي دي أورو” (الفتى الذهبي) عبر الشريط المسجّل.
وفي الوقت الذي كان ميسي يسجل الأهداف ويحصد الكرات الذهبية والألقاب في برشلونة، فإن الأرجنتين التي غادرها عندما كان مراهقا بدأت في التساؤل عما إذا سيقدم شيئا لها على غرار “الفتى الذهبي”.
خلال فترة عمله كمدرب للأرجنتين (2008-2010)، كان مارادونا يريح ميسي باعتباره يحمل منتخب ألبيسيليستي على أكتافه، ويجعله يتدرب على الركلات الحرة في التدريبات، ويتجنب علنا الأسئلة حول الجدل العقيم والعاطفي الذي يقسم الأرجنتينيين: من هو الأفضل بينهما؟
“هل هو أرجنتيني أم سويدي؟”
“لن تجبروني على قول كلمة واحدة ضد ميسي” يقسم مارادونا على قلبه في 2012. لكن مع مرور السنين، أصبح دييغو أكثر حدة تجاه ليو، ولا يتردد في قول أمور قد تؤلم الأخير، لا سيما عن إخفاقات ميسي مع المنتخب الوطني.
وعلى عكس مارادونا، الذي اشتهر بقيادة الأرجنتين إلى لقب كأس العالم 1986 “بمفرده” عدا عن لقبين في كوبا أمريكا، خسر ميسي ثلاث نهائيات في ثلاث سنوات مع منتخب التانغو (مونديال 2014 في البرازيل أمام ألمانيا، كوبا أمريكا عامي 2015 و2016 ضد تشيلي)، حيث يخفت وهجه كل مرة في المواجهات الحاسمة، مثل المباراة ضد فرنسا في كأس العالم في روسيا 2018 في الدور ثمن النهائي (4-3).
وقال مارادونا الغاضب بعد خسارة نهائي كوبا أمريكا عام 2015: “من المنطقي أن تلومه، إنه أمر سهل. لدينا أفضل لاعب في العالم، يمكنه تسجيل أربعة أهداف ضد ريال سوسيداد، يأتي هنا ولا يلمس الكرة. في وقت من الأوقات تتساءل: هل هو حقا أرجنتيني أم سويدي؟”
وواصل مارادونا هجومه اللاذع على ميسي في العام 2018 خلال برنامج عبر قناة مكسيكية متهما إياه بالافتقار إلى الشخصية القوية. وقال لقناة “لا أولتيما بالابرا” (الكلمة الأخيرة): “ميسي لاعب رائع، لكنه ليس قائدا. قبل التحدث مع المدرب واللاعبين، سيلعب البلاي ستايشن (لعبة إلكترونية). ثم على أرض الملعب، يريد أن يكون قائدا. هو الأفضل في العالم مع (البرتغالي) كريستيانو (رونالدو)”.
وتابع “من الصعب أن تصنع قائدا من رجل يذهب إلى الحمام 20 مرة قبل المباراة. دعونا نتوقف عن تأليه ميسي. ميسي هو مجرد لاعب آخر من الأرجنتين”.
وبعد شهر، أنكر أنه انتقده وانهال عليه بالثناء مرة أخرى “ميسي، أعشقه!”
المصدر: الدار– أف ب