تخليف 1400 هكتار من شجر الأركان بإقليم كلميم
تشكل المشاريع المتعلقة بتخليف شجر الأركان بإقليم كلميم نموذجا للجهود المبذولة، بفضل العمل التشاركي بين المديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر مع مجموعة من الفاعلين المحليين والمتدخلين، للمحافظة على هذه الشجرة المستوطنة وبهدف استدامة الثروة الغابوية الوطنية.
وقد تم، وفق المديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، تخليف ما مجموعه 1400 هكتار من شجر الأركان بإقليم كلميم خلال الفترة الممتدة ما بين 2006 الى الآن.
ومن المشاريع الرائدة والنموذجية في هذا المجال، مشروع تخليف شجر الأركان في محيط الجماعة الترابية تكانت (دائرة بويزكارن إقليم كلميم)، الذي تنفذه المديرية ، في إطار برامج المديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر (العيون) المتعلقة بإحياء النظم الإيكولوجية الغابوية المستوطنة والمحلية كالطلح و نخيل الصحراء الأ كان، والتي تبلورها على أرض الواقع مع المديريات الإقليمية.
وتكتسي هذه العملية أهميتها على اعتبار توفر إقليم كلميم، وفق معطيات أكدها لوكالة المغرب العربي للأنباء المدير الإقليمي للمياه والغابات ومحاربة التصحر بكلميم أنوار جوي، ، أن الأركان يشكل 88 في المائة من التشكيلات الغابوبة بالإقليم التي تقدر ب 31 ألف و700 هكتار، والمكونة بالإضافة الى الأ ركان من شجر العرعار المغربي (5 في المائة) وشجر الطلح الصحراوي (6 في المائة) وتشكيلات ماكارونيزية من أصناف ثانوية مرافقة لشجر الأركان.
وقد أكد المسؤول الإقليمي للوكالة، أن جماعة تكانت (تكانت بالأمازيغية تعني الغابة) من المناطق المستهدفة في إطار برنامج المديرية الإقليمية لتخليف الأركان، والتي تتم فيها العملية على مساحة 300 هكتار.
وتروم العملية ، وفق السيد جوي، تكثيف هذه الشجرة لا سيما بعد تسجيل اختلال في التوازن البيئي وملاحظة أن كثافة شجر الأركان كانت تتراوح، فقط، ما بين 5 الى 60 شجرة في الهكتار الواحد، الأمر الذي يستدعي التدخل لإعادة التوازن بالتكثيف في محيط الجماعة للوصول الى الكثافة الطبيعية لهذا النوع من الشجر والتي تصل الى 200 شجرة في الهكتار الواحد.
وانتقلت وكالة المغرب العربي للأنباء الى أحد المحيطات التي يتم فيها تخليف الأركان بجماعة تكانت ، حيث وقفت على عمليات نوعية (يقوم بها المقاول المكلف تحت إشراف عناصر قطاع الغابات) من صيانة وتهيئة أحواض زرع الشتائل وكذا السقي (عبر بئر متواجد في عين المكان يتم فيه الاستعانة بالطاقة الشمسية) الذي يتم وفق معايير معينة ومحددة حسب فصول السنة والمناخ . وحفاظا على استدامة العملية ، وحرصا على أن تأتي أكلها ويزهر الأركان ويثمر، سيج المحيط الذي يتم فيه التخليف، تحقيقا لأهداف عدة منها، على الخصوص، محاربة الرعي الجائر.
المجتمع المدني شريك أساسي
تنجز هذه العمليات كلها في إطار تشاركي وتشاوري مع فعاليات المجتمع المدني والمنتخبين والمتدخلين في هذا القطاع، إذ يؤكد أنغير بوبكر، عضو الفيدرالية الوطنية لذوي الحقوق، مستغلي مجال الأركان، وعضو الفيدرالية الوطنية البيمهنية للأركان، أن مشروع تخليف الأركان بجماعة تكانت يدخل في إطار المشاريع التي تقوم بها الدولة لهيكلة المجال الغابوي وطنيا.
وذكر بالأهداف المحددة في إطار عقد برنامج تأهيل منظومة الأركان، الموقع يوم 4 أكتوبر 2013، أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لا سيما منها إعادة تأهيل 200 ألف هكتار عن طريق الغرس والتكتيف.
واعتبر السيد أونغير، في تصريح مماثل لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأركان يعد مدخلا مهما من مداخل التنمية وعنصرا هاما من عناصر إدماج الساكنة المحلية في التنمية المحلية.
ودعا الى تثمين الأركان وتطويره واستغلاله وطنيا ودوليا، باعتباره موروثا عالميا اعترفت بها منظمة (اليونسكو) ومجموعة من المنظمات الدولية لما يلعبه من دور مهم في التعريف بالمغرب وبموروثه الغابوي.
وبعد أن ذكر بعدد مهم من المشارع المتعلقة بالأركان بكل أنواعه (أركان الفلاحي، والخاص والغابوي ..) وبتحيين، مؤخرا، لعدد من القوانين المتعلقة به، خاصة منها قانون الرعي الذي يتيح للساكنة المحلية الاستفادة من منتوج هذه الشجرة واستغلاله، أبرز وجود ترسانة أخرى من القوانين تحت انظار المشرع المغربي ، التي ستعطي “دينامية لهذا القطاع الحيوي الذي يراهن عليه المغرب كماركة مسجلة وطنية”.
وفي سياق مماثل، أبرز الوزاني اسماعيل، رئيس الجمعية الإقليمية لذوي الحقوق مستغلي شجرة أركان، أن المجهودات التي يقوم بها قطاع الغابات والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الأركان (أوندزوا) لتكثيف هذه الشجرة “المباركة” مهم جدا، لا سيما بعد أن تعرضت للتلف لأسباب عدة تتعلق بالإنسان، وبالمناخ بعد توالي سنوات الجفاف.
وركز في تصريح للوكالة على أهمية المشاريع المصاحبة لعملية تخليف شجر الأركان، الذي يساهم في محاربة التصحر، منها إنجاز المسالك الطرقية والمناحل وغرس أشجار الزيتون.
وبالنسبة للمنتخبين، أكد عبد السلام وزان، النائب الاول لرئيس جماعة تكانت، أن المجلس الجماعي، وفي إطار الشراكة مع قطاع الغابات يساهم في عملية التخليف عبر وضع المسالك في المحيط وربطها بالدواوير المجاورة تفاديا لاندلاع الحرائق.
وقال إنه سيتم ، قريبا، وبالقرب من المحيط الذي يتم تخليفه، إحداث مركز لجمع “أفياش” (ثمر الأركان)، الأمر الذي سيسهل عملية الجمع، وكذا تنظيم دورات تدريبية وتكوينية وتوعوية للساكنة وللمهتمين والباحثين أيضا.
يذكر أن من بين أهداف عقد برنامج تأهيل منظومة الأركان كذلك إحداث مزارع عصرية للأركان، والرفع من إنتاج زيت الأركان سنويا من 4000 طن إلى 10000 طن، ووضع مشاريع عصرية لتثمين وإنعاش منتوج الأركان في إطار مشاريع الدعامة الأولى والثانية لمخطط المغرب الأخضر، وحماية خصوصيات “علامة المغرب” لشجر الأركان ومختلف منتجاته ومشتقاته في السوق الدولية، وتشجيع البحث العلمي المتعلق بهذه الشجرة.
المصدر: الدار– وم ع