أشرورو لـ”الدار”: تنافر مكونات الأغلبية أفقد الحكومة مصداقيتها
الدار/ حاورته: عفراء علوي محمدي – تصوير وتوضيب: منير الخالفي
تأسف محمد أشرورو، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، لما آلت إليه الأوضاع في حكومة سعد الدين العثماني، بسبب احتدام الصراعات داخل مكوناتها، قائلا إن ذلك "يبين على أن هناك غيابا للإرادة والعزيمة السياسية عند مكونات الأغلبية، وأظن أننا سنعيش أزمة لما تبقى من عمر هذه الولاية، بسبب ضعف الثقة والتفاهم بين أعضاء الحكومة، وغياب الاتفاق والاحترام وعدد من الضوابط التي تخلق التعثرات والاضطرابات".
وبصفته رئيسا لفريق نيابي، اعتبر أشرورو أن الدورة الخريفية للولاية التشريعية الحالية "تميزت عن سابقاتها بالتنافر الكبير الذي يطبع مكونات الأغلبية، والصراع الذي يعرفه الفريق الأغلبي بالبرلمان مع أعضاء الحكومة"، وأكد أن ذلك يستشف من خلال تعثر مشاريع القوانين بالبرلمان
واعتبر المسؤول البرلماني، في حواره مع موقع "الدار"، إن أكبر متضرر من كل هذا "هي مصلحة المواطنين، كما أن عدة برامج تعرف تعثرات كبيرة، أبرزها القوانين المتعلقة بتكريس الطابع الرسمي للأمازيغية"، معتبرا أن اللغة الرسمية الثانية للبلاد "تغتصب في عهد هذه الحكومة"، على حد قوله.
وزاد أن مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين يعرف بدوره تعثرا آخر"وهو ، الذي لم يراوح مكانه بسبب شجار أعضاء الأغلبية حول لغة التدريس"، مبرزا أن فريق "البام" بالبرلمان يضم صوته لمن يدافع عن تدريس العلوم باللغة الأجنبية "وكيف لا وأعضاء حزب العدالة والتنمية أنفسهم، وعلى الرغم من دفاعهم عن العربية بالبرلمان، يدرسون أطفالهم بالبعثات والمدارس الخصوصية التي تدرس العلوم باللغة الفرنسية.."
وعن الخلافات والمشاكل التي مر منها حزب الأصالة والمعاصرة في الآونة الأخيرة، أكد المتحدث نفسه أن الحزب "تجاوز بعضها، ويسعى الآن لتجاوز المشاكل المتبقية، وعلى العموم فالاختلاف ظاهرة صحية، وحزبنا ليس ثكنة عسكرية، فهو عبارة عن مجموعة من المكونات التي تتفاعل مع بعضها البعض، صحيح أن المشاكل كانت حاضرة داخل الحزب في فترة سابقة، وقد أثرت بشكل كبير على أدائه سواء في الميدان أو في أمور أحرى، لكننا سنعمل على تجاوز كل إكراه".
وبخصوص رفض أعضاء الحزب لترشيح محمد الحموتي رئيسا للمكتب الفيديرالي، وقبله محمد اخشيشن، نائب الأمين العام، أكذ أشرورو أن هؤلاء "محسوبون على رؤوس الأصابع"، معتبرا أن تعيين الحموتي واخشيشن "كان في اجتماع للمكتبين السياسي والفيديرالي، وأجمع الجميع على هذه القرارات ولم يعلن أحد عن رفضه لها"، وفق تعبيره.
وأكد أشرورو استعداد حزبه لتبوؤ مراتب متقدمة في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، مؤكدا على ضرورة تواصل أعضاء الحزب مع جميع المواطنين بمختلف الجهات لمعرفة حاجياتهم وآمالهم "كما يجب علينا أن نشتغل دائما في اتجاه تبوؤ المكانة الأولى، خاصة وأن حزبنا لم يسبق له أن شارك في الحكومة، ومن الوارد أن يضع مجموعة من المواطنين ثقتهم فيه".
وفي ما يلي نص الحوار كاملا:
بصفتكم رئيسا للفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، حدثونا، من منظوركم الشخصي، عما ميز هذه الدورة الخريفية من الناحية التشريعية والرقابية؟
للأسف كانت الدورة مليئة بالأمور السلبية، نلاحظ أن هناك تبادلا للاتهامات داخل مكونات الأغلبية بالبرلمان وأعضاء الحكومة، بل وحتى داخل الحكومة نفسها وبين عناصرها الداخلية، هذه الدورة للأسف عرفت تعثر مجموعة من مشاريع القوانين التنظيمية المهيكلة، وعلى سبيل المثال نذكر مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية الذي لم يراوح مكانه منذ مدة، ومشورع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس التنظيمي للثقافة واللغات الذي من المفروض أن تتم المصادقة عليهم في الولاية السابقة، وبسبب هذه التراشقات لا يتم التقدم في مناقشة هذه المشاريع.
وبسبب عدم توافق مكونات الأغلبية فيما بينها، استغرقت هذه المشاريع والقوانين التنظيمية في مجلس النواب ما يناهز 28 شهرا، وهو رقم قياسي، خصوصا وأن لها طابعا استعجاليا بحكم تعلقها باللغة الأمازيغية، وفي الواقع، لن يستغرق نقاشها الكثير من الوقت كما هو الحال الآن، وبسبب هذه التعثرات واللامبالاة، أنا أقولها كما سبق لي وقلتها سابقا: الأمازيغية فعلا تغتصب في عهد هذه الحكومة.
وهذا ما حصل بالنسبة لمشروع القانون الإطار لمنظومة التربية والتعليم.. أليس كذلك؟
أجل، فما ما ميز هذه الدورة أيضا هو تعثر وعدم المصادقة في حينه على هذا القانون المهم، الذي يعرف تعثرا بسبب إشكال لغة تدريس المواد العلمية، ما أحدث ضجة بين عناصر فرق الأغلبية حول منهجية التدريس وطريقته، ونحن كفريق برلماني نؤيد تدريس المواد العلمية والتقنية باللغة الأجنبية، وبينما يريد الفريق الذي يقود الحكومة تدريس هذه المواد باللغة العربية، الجميع يعلم أن عددا كبيرا منهم يدرسون أبناءهم في البعثات والمدارس الخصوصية التي تدرس هذه المواد باللغة الفرنسية، وهما يكمن التناقض.
وأنتم في حزب الأصالة والمعاصرة لأي جهة تصطفون في هذا الصدد؟
نحن بطبيعة الحال ندافع عن التدريس باللغات الأجنبية، لأن قطاع التعليم والبحث العلمي بالمغرب يحتاج للتنافسية الدولية، كما يجب على الحاصلين على الشواهد أن يكون لديهم رصيد ثقافي ومعرفي مهم يخول لهم التنافس على الصعيد الدولي، وهناك من معنا في الطرح نفسه من فرق الأغلبية، لكن الغريب أن جميع مكونات الأغلبية توافقت على مشروع القانون الإطار بمجلس وزاري سابق، واليوم هناك فرق في الأغلبية بالبرلمان تنتقد الحكومة والوزراء، وهذا يثبت أن هناك أزمة تواصل بين الحكومة وبرلمانييها، وكل هذه الإشكالات تجعلنا اليوم نتساءل كيف ستسير هذه الحكومة ما تبقى من ولايتها في ظل هذه النزاعات، وهذا لا يخدم مصلحة الوطن، كما لا يخدم مصلحة الأغلبية في حد ذاتها.
في نظركم ما هو السبب الرئيسي لوجود مثل هذه الإشكالات والصراعات بين مكونات الأغلبية؟
الصراعات داخل الأغلبية تبين أن هناك غياب للإرادة والعزيمة السياسية عند مكونات هذه الأغلبية، وأكبر متضرر من هذا كله هي المصلحة العليا للمواطنين، كما قلت هناك عدة برامج تعرف تعثرا كبيرا، عدة مشاريع كذلك، بالتالي أظن أننا سنعيش أزمة لما تبقى من عمر هذه الولاية، بسبب أزمة الثقة والتفاهم بين أعضاء الحكومة، علما أن فرق الأغلبية أبرمت ميثاقا حتى يحترمه جميع الأطراف، لكن مع الأسف، الطرف الحكومي والبرلماني التابعين لنفس الحزب في الحكومة لا يتفقان، فما بالك باتفاق أحزاب سياسية مختلفة، كان في الواقع على أعضاء الحكومة أن يجتمعو مع أغلبيتهم ويتفقو معهم قبل أن يأتوا إلى البرلمان، وهذا التهاون في التواصل هو السبب، الذي أسفر عن أزمة تعثر المشاريع، وتفاقم الاحتجاجات المستمرة التي تعيشها البلاد بين الفينة والأخرى، فكيف نفسر، مثلا، أن هناك صراع بين مجلس المنافسة والوزارة المكلفة بالشؤون المالية والحكامة حول تسقيف أسعار المحروقات الذي سيؤثر بشكل كبير على أثمنة لمواد الاستهلاكية، هناك عدة مشاكل تعيشها الحكومة اليوم في غياب الاتفاق والاحترام وعدد من الضوابط التي تخلق التعثرات والاضطرابات.
هل هذه التشنجات ستتسبب في تفكك الحكومة، وبالتالي تنظيم انتخابات قبل الأوان؟ أم أن الأمور ستبقى كما هي عليه الآن؟
أظن أن الوضعية التي تعرفها الحكومة الآن لا تبشر بالخير، لكني أستبعد أن يتم حل الحكومة والدعوى إلى انتخابات سابقة لأوانها، لأن الدستور في حلته الجديدة يعطي الحكومة اختصاصات واسعة تخول لها الاستمرار مهما كانت الظروف، وبالتالي فإن للمواطنين الحق للحكم على هذه الحكومة من خلال تقييم آدائها، وانتقاد ثغراتها، وهذا دورنا كمعارضة أيضا، اليوم المواطن المغربي يرى أن معيشه اليومي يسير في التعثر والتدهور، ويحس أن الخدمات الاجتماعية التي يتلقاها في الصحة والتشغيل والتعليم تعرف نوعا من التأخر، ويبدو لي أن هذه الحكومة ستراكم مجموعة من السلبيات وإن طال عمرها، لذلك نتمنى أن يأخذ المواطن العبرة من هذه التجربة.
تحدثتم عن الخلافات بين مكونات الأغلبية الحكومية، ماذا عن خلافاتكم الداخلية بـ"البام"، هل تم تجاوزها أم أن الأمور لا تزال كما هي عليه؟
الخلافات والاختلافات ظاهرة صحية في الحزب، وحزبنا ليس ثكنة عسكرية ليسير أعضاءه دائما على خطا واحدة ويتبنوا رأيا واحدا، الحزب عبارة عن مجموعة من المكونات التي تتفاعل مع بعضها البعض، صحيح أن المشاكل كانت حاضرة داخل الحزب في فترة سابقة، وقد أثرت بشكل كبير على أدائه سواء في الميدان أو في أمور أحرى، لكننا تجاوزنا هذه الإكراهات والخلافات الآن، على الرغم من أنها لم تطو جميعها، لكني أظن أن بعد أن تمت هيكلة المكتب الفيدرالي وتهيؤه وانتخاب رئيسه ليباشر العمل واللقاءات طبقا للنظام الداخلي للحزب، سيتكلف المكتب بالهيكلة والتنظيم ومواجهة هذه المعيقات بتنسيق مع المكتب السياسي، كما أن له برنامج لقاءات جهوية من خلالها ستتم هيكلة جميع الأمانات الجهوية حتى نبتدأ بالاستعداد للاستحقاقات المقبلة التي ستكون مصيرية بالنسبة لبلادنا، خصوصا إذا عرفنا أن الحزب الذي يقود الأغلبية اليوم أبان عن مجموعة من التصرفات الأخلاقية التي تمس بمصداقيته.
سنعود للحديث عن مسألة استعدادكم للاستحقاقات المقبلة، لكن قبلا حدثونا عما مدى صحة الأخبار التي تروج الآن، والتي تفيد امتعاض أعضاء الحزب من تنصيب محمد الحموتي رئيسا المكتب الفيديرالي للحزب، وقبلا انتقادهم لتعيين أحمد اخشيشن أمينا عام بالنيابة.. أليست مثل هذه القرارات هي التي تحدث الصراع داخل مكونات الحزب؟
لا أعتقد.. تنصيب الحموتي جاء في لقاء مشترك بين المكتب السياسي والمكتب الفيديرالي، وأثناء هذا اللقاء تمت المصادقة على تعيينه رئيسا للمكتب الفيديرالي، كذلك الشأن بالنسبة لتعيين أخشيشن نائبا للأمين العام، جميع القرارات اتخذت داخل الاجتماع المشترك للمكتبين السياسي والفيديرالي، لكن ربما يكون بعض الأشخاص المحسوبين على رؤوس الأصابع معارضون لهذه التنصيبات، لكن أذكر أن في ذلك اليوم كان هناك إجماع على القرارات التي اتخذت في الاجتماع المشترك، وأظن أن المكتب الفيديرالي عقد بعد ذلك الاجتماع اجتماعين اثنثن آخرين، واتخذ مجموعة من القرارات التي تم التوافق بشأنها.
وماذا عن تقديم الحموتي لاستقالته من خلال رسالة نصية قصيرة إلى الأمين العام، ما سبب ذلك؟
كل هذه إشاعات، الحموتي لم يقد استقالته أبدا، وقد قدم مؤخرا عرضا على أعضاء المكتب السياسي حول اجتماع المكتب الفيديرالي الأخير وبرنامج العمل الذي سيهتدي إليه، وتمت المصادقة عليه من طرف المكتب السياسي، ولم يكن ما يبين أنه قدم استقالته فعلا.
لم يتبقى الكثير من الوقت ليعقد المجلس الوطني القادم صحيح؟ ما هي أبرز النقاط التي سيتناولها؟
من المرتقب أن يعقد المجلس الوطني القادم دورته في أبريل المقبل، ومن بين الأمور الأساسية التي ستكون على طاولة المناقشة الإعداد للمؤتمر المقبل الذي يرتقب أن يكون في شتنبر أو أكتوبر، في اجتماع المجلس الوطني أيضا سيتم تكليف اللجنة التحضيرية للمؤتمر، التي ستعد وتوجه المؤتمر المقبل، بالإضافة لإعداد مؤتمرات جهوية وإقليمية وانتخاب المؤتمرين الذين سيشاركون في المؤتمر المقبل.
يرتقب البعض أن يحمل المؤتمر القادم من المفاجآت الكثير، ألا تجدون أنه سابق بعض الشيء لأوانه؟ ولذلك يرشح البعض انسحاب الأمين العام وتقديم استقالته مبكرا كما حصل مع الأمين العام السابق إلياس العماري.. ما رأيكم؟
بصراحة لا أستطيع الجزم في هذه المسألة، فلا يعلم الغيب إلا الله، ونحن في شهر مارس، ومن الآن إلى شهر شتنبر أو أكتوبر قد تظهر أحداث جديدة ستغير المشهد السياسي ككل، فنحن لا نعلم بماذا ستأتي الأيام المقبلة، وكما أسلفت، هناك مشاكل تعيشها الحكومة الحالية، ومن المرتقب أن تكون هناك مستجدات، ونحن سنتعامل معها حسب أهميتها، والمستجدات التي سيعرفها حزبنا ستكون متعلقة بالمستجدات السياسية العامة بطبيعة الحال.
وماذا بخصوص انسحاب حكيم بنشماش؟
الأمين العام لم يمكث على رأس الحزب لفترة طويلة، ومن الممكن أن يبق لولاية أخرى، لا ننسى أن انتخابه جاء في نصف الولاية وسير الحزب في مدة نصف الولاية، فمن البديهي أن تكون مدة التسيير قصيرة، وبالتالي ففي الأيام المقبلة، لا أعلم إن كان حكيم بنشماش سيترشح من جديد للأمانة العامة أم لا، لكن مجموعة من المعطيات في المستقبل ستعلن عن الإمكانيات المحتملة، ولكن مهما كان الأمين العام المقبل، سواء كان حكيم بنشماش أو مرشحا آخر، سيستمر الحزب في نفس النهج وبنفس الأسلوب، للقيام بواجبه لما فيه مصلحة الوطن ومصلحة المغرب.
هل يستعد حزب الأصالة والمعاصرة للاستحقاقات التشريعية المقبلة؟ وكيف ذلك؟
المنطق السياسي يقول أن الحملة الانتخابية تبدأ مباشرة بعد النجاح في الانتخابات، نحن نملك مجموعة من الأعضاء الذين يعملون بجد، ومنهم رؤساء الجماعات ورؤساء المجالس الإقليمية والعمالات ورؤساء الجهات كذلك، أكيد أن المواطن سيحكم على أداء جميع المناضلين والمنتخبين من خلال هذه الفترة التي مرت، كما أن هناك مجموعة من التراكمات الإيجابية التي ستساعدنا، كما أننا نحتاج لاستدراك كل الأمور السلبية، على العموم، هناك مجموعة من المؤسسات المنتخبة التي حققت إنجازات مهمة، وهناك إنجازات متوسطة، كما أن هناك إخفاقات، من واجبنا اليوم أن نبحث عن مكامن الخلل والإخفاق من أجل التدارك، وعلينا أن نتواصل محليا من خلال المؤسسات المنتخبة مع المواطن، من خلال الاستماع لهموم ومشاكل المواطنين، خصوصا بعد الانتكاسة التي تعرفها بلادنا بسبب الأداء الحكومي الضعيف على مجموعة من المستويات، والذي لا يرقى إلى مستوى التطلعات، ولطل هذا كله، يجب أن نشتغل دائما في اتجاه تبوؤ المكانة الأولى، خاصة وأن حزبنا لم يسبق له أن شارك في الحكومة، ومن الوارد أن يضع مجموعة من المواطنين ثقتهم في هذا الحزب، لأن الوطن الآن محتاج لحزب متقبل للاختلاف، ومتسامح مع جميع مكونات المجتمع، شباب ونساء ورجالا، كما هو الشأن بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة.