أخبار الدار

مكاوي: نجاح الحراك في الجزائر سينهي كل المشاكل مع المغرب

الدار/ حاوره: رشيد عفيف

يعتبر عبد الرحمان مكاوي، الخبير الأمني والاستراتيجي، في هذا الحوار أن نجاح التحول الديمقراطي في الجزائر سيكون من صالح المغرب ودول المنطقة، مؤكدا أن كل المشاكل العالقة مرشحة للحلحلة في حال نجاح هذا الحراك. وينبه إلى ضرورة تعامل المغرب بقدر عالي من الحيطة والحذر مع ما يجري، مشيرا إلى صراع أجنحة السلطة الدائر اليوم على أشده.

– يعرف الوضع في الجزائر حالة من التجاذب بين شارع يتصاعد احتجاجه يوما عن يوم وجيش يصر على مواقفه ويوجه لهجة تزداد حدة. ما موقفكم أولا من تصرف الجيش وردود أفعاله إلى حدود الساعة؟

– أولا النظام الجزائري في مأزق حقيقي وخروج الفريق قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش هو بمثابة تهديد للشعب، وعودة للخطاب السياسي الذي قامت عليه العقيدة الجزائرية، بكون الجزائر مهددة في استقرارها في استقرارها من عوامل خارجية. وهنا نرى مواجهة بين ما بين القيادة العسكرية الجزائرية والشعب الجزائري بأكمله من خلال خطاب أحمد قايد صالح. هذا الخطاب يخفي صراعا خفيا بين أقطاب متعددة داخل المؤسسة العسكرية، وخاصة ما بين جهاز المخابرات القديم والذي تم تفكيكه سنة 2015 وهو الذي كان مسؤولا عن فبركة الرؤساء منذ 1957 إلى الآن وبين الجهاز الذي كان يسمى DRS وكان يقوده الفريق محمد التوفيق الملف بـ"مدين" والجهاز الحالي الذي يسمى ب"DAS" والذي يقوده الجنرال المتقاعد عثمان طرطاق، هناك إذن صراع  خفي بين الجهازين، وهذا الصراع قد يؤدي بنا إما إلى إيجاد حل توافقي بين الجهازين لإنقاذ النظام السياسي الجزائري أو إلى أن تذهب الجزائر إلى حمام دم من جديد. الجزائر في مفترق طرق صعب حقيقي علينا أن نتابعه ونأخذ حذرنا من التطورات في هذه الدولة الجارة.

– هل يعني هذا أن هناك احتمالات بأن تسير الأمور نحو منزلقات خطيرة كالانقسام الداخلي أو الحرب الأهلية؟

– هناك احتمالات متعددة منها احتمال انقلاب عسكري على قيادة الجيش من طرف ضباط لا يرضون بمواقف السيد قايد صالح. أما الاحتمال الثاني فهو أن ينتصر الجناح القديم للمخابرات على الجناح الجديد ويزكي اللواء المرشح علي لغديري القريب من المخابرات السابقة ولو أنه ينفي ذلك. أما الاحتمال الثالث فهو إقدام الجماهير المتظاهرة يوم 8 مارس على احتلال بعض المؤسسات كرئاسة الجمهورية والمجلس الدستوري والبرلمان وكذلك القيادة العامة للجيش. هناك احتمالات قد تحدث انزلاقات خطيرة في هذه الدولة الجارة التي استقراراها من استقرارانا وأمنها هو من أمننا، ومن حقنا كذلك أن نعطي وجهة نظرنا في الموضوع، لأن الشعبان الجزائري والمغربي واحد، والأمن القومي المغربي والجزائري مترابطان، ويهم كل دول المنطقة مباشرة فانهيار هذه الدولة القارة سوف يحدث  كذلك انشراخا في جميع دول المغرب العربي.        

–  بخصوص موقف المغرب، في نظرك ما هي المقاربة الأكثر نجاعة وضمانة والتي يجب أن ينهجها المغرب إزاء ما يجري في الجزائر، هل عليه أن يراقب وينتظر أم يبادر ويتخذ خطوات استباقية؟

– منا لحكمة للقائمين على القرار السياسي والاستراتيجي في المغرب أن لا يتدخلوا في هذه التطورات بل أن يكتفي بمتابعتها عن كثب وبحيطة وحذر، لأن المغامرين في الجزائر قدي يستغلون أي موقف مغربي لاعتباره تدخلا في الشؤون الجزائرية لإذكاء روح العداء ضد المغرب وشعبه. وهذه العقيدة كثيرا ما كان يوظفها الساسة في  الجزائر لتوجيه المجتمع الجزائري ضد المغرب أو ضد فرنسا أو ضد خطر خارجي آخر، وبالتالي فمن الحكمة اتخاذ الحيطة وعدم اتخاذ مواقف أو إجراءات استباقية لا تخدم العلاقات المستقبلية بين الشعبين الجزائري والمغربي.

– يبدو أن نظرية المؤامرة ترفع من طرف أجهزة الدولة على اعتبار أن هناك تدخلات وأيادي خارجية، لكن هناك من يتساءل فعلا عن حقيقة الحراك الواقع في الجزائر وعن درجة تنظيمه وهناك من يعتبر أن هناك من ينظم الأمور من وراء حجاب، إلى أي حد يصح ذلك؟
– صحيح أن الشارع الجزائري اكتشف أن نظرية المؤامرة والأيادي الخارجية هي أكذوبة بنيت عليها الدولة الوطنية منذ 1957 . هذه النظرية لم تعد تفيد النظام لإسكات الجماهير الجزائرية، ولكن المظاهرات التي خرجت ليلا ونهارا وبصفة منظمة وحضارية أبهرت العالم لايمكن التشكيك فيها ولكن ينبغي أن نضعها في إطار كذلك دور الخلايا النائمة للجناح الذي أقصي من الحكم من المخابرات سنة 2015 وهذا مكن هذه الخلايا النائمة أن تستفيد من غضب الشارع وتوجهه الوجهة الصحيحة بدل أن يسير بالبلاد في تجاه الحرب الأهلية.

– كيف تتوقعون مستقبل الجزائر في حال نجاح هذا الحراك وما مدى تأثير ذلك على مستقبل اتحاد المغرب العربي وعلى مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية، خصوصا أننا لاحظنا أن بعض المرشحين في الانتخابات الرئاسية لم يترددوا في إعلان رغبتهم في فتح الحدود بين البلدين؟

– كنت أرى دائما ومنذ 15 سنة على أن التطبيع مع المغرب سيتم عن طريق ديمقراطية حقيقية في الجزائر لأن الشعب الجزائري تواق إلى فتح الحدود ويريد التكامل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي بين جميع دول المغرب العربي إلى درجة حتى اللواء علي لغديري المرشح للانتخابات يراهن على وحدة المغرب الكبير وعلى حلحلة المشاكل السياسية مع المغرب، وهذا معطى جديد في هذا الحراك الذي تشهده الجزائر وبالتالي فإن التطبيع يأتي مع الاستقرار والديمقراطية في الجزائر، الدولة القارة التي يعتبر استقرارها ربحا للمغرب، والديمقراطية في الجزائر يمكن أن تحل الكثير من المشاكل العالقة بينها وبين كل جيرانها. إن الديمقراطية في الجزائر نافذة يمكن أن تفتح صفحة علاقات جديدة مع كافة الجيران، وعلينا أن نشجع هذا الحراك في الجزائر لأن من مصلحة المغرب وأمنه أن تخطو الجزائر نحو الديمقراطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر − ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى