رمضان بوجدة : أجواء فريدة تتلاءم مع متطلبات الضيف غير المرغوب فيه
يحل شهر رمضان هذه السنة بمدينة وجدة في أجواء خاصة للغاية بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) وطبيعته غير المتوقعة، ما دفع ساكنة المدينة إلى تكييف عاداتها الدينية وطقوسها اليومية مع متطلبات احترام التدابير الرامية للحد من تفشي الضيف غير المرغوب فيه المتمثل في جائحة كوفيد 19.
ويتسم شهر رمضان بمدينة وجدة بأجواء مفعمة بالتقوى والعادات العريقة التي تمارسها يوميا ساكنة عاصمة جهة الشرق، والتي تعبر عن الوعي المتنامي والاستيعاب الجيد للتدابير التي أقرتها السلطات العمومية بسبب الظرفية الحالية التي يعشها المغرب، على غرار باقي دول العالم.
وهكذا، تمتثل الساكنة بشكل تام لقرار الحكومة القاضي بمنع التنقل الليلي خلال شهر رمضان، باستثناء الحالات الخاصة، مع إبقاء مختلف التدابير الاحترازية المعلن عنها سابقا، وذلك بالرغم من التأثيرات الملاحظة على عدد من الأنشطة السوسيو – اقتصادية والعادات الدينية التي تميز هذا الشهر الفضيل.
وعلى غرار باقي مدن وجهات المملكة، يبدو أن سكان عاصمة جهة الشرق تأقلموا جيدا مع هذا الوضع، باستغلال الفترتين الصباحية والزوالية للقيام بالتزاماتهم والاضطلاع بمهامهم واقتناء كل ما يحتاجونه، منتهزين وفرة المنتجات والمواد، لاسيما من أجل تحضير الوجبات الخاصة التي تزين موائد الإفطار والتي تعد جزءا من الموروث الثقافي والحضاري المتوارث جيلا بعد جيل.
والأكيد أن هذه الدينامية المتميزة التي تعرفها مختلف فضاءات المدينة، حيث تكتسي محلات بيع الحلويات والمحلات والمتاجر أبهى حلة لاستقال الزبناء، انطلقت بالفعل قبل مستهل الشهر الفضيل.
وبالفعل، تبدأ العائلات الوجدية تحضيراتها منذ النصف الثاني من شهر شعبان، عبر اقتناء المكونات الضرورية لتحضير الأطباق والوجبات التي يكثر استهلاكها خلال شهر رمضان، والتهييء لمبادرات اجتماعية تجسد قيم التضامن والتعاون المرغوب القيام بها خلال هذا الشهر الكريم.
وهكذا، وقبل أيام من حلول الشهر الفضيل، تشهد الأسواق والمحلات التجارية للمدينة، المزودة كما ينبغي بالمنتجات والمواد، نشاطا استثنائيا حيث يقبل المواطنون بكثافة على اقتناء ما يحتاجونه (فواكه مجففة وتوابل ومكونات أخرى)، لهذا الشهر الذي يكتسي أهمية خاصة.
وينبغي الإشارة في هذا الصدد إلى التعبئة القوية للسلطات، بمناسبة حلول شهر رمضان وكما كان الشأن في السنوات الماضية، من أجل ضمان التزويد العادي للأسواق بمختلف المنتجات الغذائية وضمان مراقبة النظافة والأسعار.
كما يتعلق الأمر بمحاربة جميع ممارسات الغش والمخالفات المحتملة، بهدف حماية صحة المواطنين وقدرتهم الشرائية.
وأكد نور الدين، بائع للخضر والفواكه بشارع بودير، أن السوق مزود بشكل كاف ولا ينقصه شيء، مسجلا أن السلع موجودة بوفرة وبأسعار في متناول الجميع.
وأضاف أن وتيرة النشاط التجاري جيدة لاسيما ما يتعلق بالفواكه التي يكثر الإقبال عليها خلال الشهر الفضيل.
وعلى ذات المنوال، أوضح لمسيح صانع وبائع للحلويات التقليدية، في تصريح مماثل، أن هذه السلعة تلقى إقبالا كبيرا خلال هذا الشهر الفضيل، كالمقروط وزلابية والكعك والشامية، وهي حلويات تقليدية تتميز بها مدينة وجدة وتعتبر من بين الأطباق الضرورية التي تزين موائد الإفطار الوجدية إلى جانب الشباكية والبريوات وحلويات أخرى.
وأكد في السياق ذاته الأهمية الكبيرة التي يوليها للنظافة وحرصه على تقديم منتوجات تتسم بالجودة لتلبية انتظارات ورغبات زبنائه.
وتعتبر الحلويات التقليدية كالمقروط وزلابية والكعك والسفوف من ضمن الأطباق التي تزين موائد الإفطار الرمضانية لجميع الأسر الوجدية، والتي يحرص بعضها على إعداد هذه الوجبات في المنزل بينما تفضل اسر أخرى اقتناءها من متاجر ومحلات بيع الحلويات.
وفي خضم هذه التصريحات التي تعكس التفاؤل والرضا عن وضع عدد من الأنشطة التجارية، تأتي شهادة (عبد الحفيظ . م) خياط تقليدي، التي توقف فيها عند الصعوبات التي يعرفها قطاع الصناعة التقليدية منذ عدة أشهر، حيث تراجعت المبيعات بشدة جراء التداعيات المرتبطة بجائحة (كوفيد -19).
وأضاف بنبرة حزينة وتشاؤمية أن وضعية الأزمة والمعاناة تفاقمت خلال هذا الشهر، لاسيما أن شهر رمضان كان يشكل عادة مناسبة لباعة الألبسة التقليدية بالخصوص لإنعاش خزينتهم بفضل الإقبال والطلب الكبير للزبناء.
وتابع بالقول “في حقيقة الأمر، الاقتصاد الوطني بكامله تضرر، غير أن قطاع الصناعة التقليدية تضرر بشدة وتكبد خسائر فادحة”، سائلا العلي القدير أن يرفع عنا هذا الوباء.
وفي ظل السياق الاستثنائي لجائحة كورونا، تحرص السلطات المحلية والقوات العمومية بوجدة، بصرامة ودقة، على احترام حظر التنقل الليلي والتدابير الاحترازية الرامية للحد من تفشي جائحة كوفيد -19، والحفاظ على أمن وصحة المواطنين.
المصدر: الدار– وم ع