أخبار الدار

الناصري لـ”الدار”: تحالفنا مع “البيجيدي” يقوم على برنامج سياسي صرف والاشتراكية ليست موضوع الساعة

الدار/ حاورته: عفراء علوي محمدي – تصوير وتوضيب: مروى البوزيدي

أقرّ خالد الناصري، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، بأن الحزب اليوم "لا يطرح موضوع بناء الاشتراكية في برنامجه المرحلي، "فالظرفية الآن تقتضي منا التركيز على البرنامج الحكومي لتوطيد البناء الديمقراطي، والعمل على توسيع مجال الديمقراطية السياسية، والعدالة الاجتماعية، بغية الوصول للرفاهية الاقتصادية التي يجب أن ينعم بها المواطنون والمواطنات".

وأضاف الناصري، في حوار خاص مع موقع قناة "الدار"، أن زمن الاشتراكية لم يولي على الرغم من ذلك، لكن يجب تغذيته بما يتعلق بالمستجدات الراهنة لتتناسب مع متغيرات الوضع الحالي.

وعن السبب الذي يجعل حزب التقدم والاشتراكية يتحالف مع حزب إسلامي لقيادة الحكومة لولايتين، بعد أن كان يصر على ممارسة المعارضة في السابق، أكد القيادي التقدمي أن الحزب سيرفض البقاء في الحكومة لو لاحظ أن حزب العدالة والتنمية يستعمل الدين في السياسة، "فنحن نعتقد أن هذه الحكومة تشتغل وفق برنامج حكومي متوافق عليه من طرف أحزاب ذات مرجعيات مختلفة، واهتدينا جميعا إلى تطبيق مقاربة تعمل بمنطق البرنامج السياسي وليس البرنامج الإيديولوجي"، وفق تعبيره.

وبخصوص انتقاد بعض التقدميين لسياسة الأمين العام، نبيل بن عبد الله، أكد الناصري أن هؤلاء "لا يشكلون إلا نسبة قليلة جدا من مجموع أعضاء الحزب، "وليس هناك ما يدعو إلى القلق من هذه الناحية، حزبنا مرتاح البال وديمقراطيتنا الداخلية تشتغل بصفة عادية، ونحن نحسن كل يوم ما يجب تحسينه"، وفق قول المسؤول الحزبي.

وحول "النزاعات" و"اللاتوافقات" التي تشوب حكومة سعد الدين العثماني، أكد الناصري أن مثل هذه الأمور "غير صحية، لأن صراعات العمل السياسي الجاد تتطلب السمو بالنقاش والمقاربات الإصلاحية تتجاوز المقاربات السياسوية الضيقة المتعلقة بالإيديولوجيات"، على اعتبار أن البرنامج الإصلاحي أسبق من الإيديولوجيا.

وفي ما يلي نص الحوار الكامل:

بداية، حدثونا عن الوضع التنظيمي الحالي لحزبكم؟

حزبنا يسير في وضع تنظيمي مستقر، نحن مرتاحون لأن ممارستنا للديمقراطية الداخلية أصبحت تؤتي أكلها، والدليل على ذلك هو الجو العادي الذي تمر فيه مؤتمراتنا السياسية الأخيرة، المؤتمر العاشر الأخير كان امتدادا للمؤتمر التاسع والاستثنائي والمؤتمرات السابقة تدل ذلك، كما يبرز تقيدنا بمستلزمات العمل النضالي، واشتغالنا في اتجاه المشاكل التنظيمية الطفيفة التي تعرفها هذه المنطقة أو تلك، فحزب التقدم والاشتراكية اليوم يعمل على إحياء وبعث روح نضالية متجددة في التنظيمات المهيكلة للعمل الحزبي في جل أرجاء البلاد.

لكن كيف تفسرون تبوء حزبكم لمراتب متأخرة بالانتخابات على الرغم مما تقولون؟

نحن الآن بصدد تفعيل "خطة التجدر"، على اعتبار أن النتائج الانتخابية التي يحصل عليها الحزب لا ترقى لما هو مطلوب، وذلك مرده للمناخ العام السياسي بالبلاد الذي يفتقر لمستلزمات العمل السياسي الفاعل، وكذلك هناك تقصير تعرفه هذه القطاعات الحزبية أو تلك، ونحن نعمل على تجاوز ذلك حتى يضطلع الحزب بواجبه، كما نعتقد أن الأساسي في العمل الحزبي هو تقديرنا لقيمة الجماهير الشعبية، وسعينا لخدمتها.

هناك من يقول أن تراجع آداء الحزب مجملا راجع لضعف تسيير الأمين العام.. ما ردكم على هذا القول؟

هذا كلام سطحي ومجانب للصواب بكل ما في الكلمة من معنى، فعندما نطرح هذا السؤال على المنتقدين أنفسهم، أو نسائلهم عما يعيبون على الممارسة الحزبية والتنظيمية للمكتب السياسي والأمين العام واللجنة المركزية، يعجزون عن تقديم أجوبة صريحة وواضحة معللة ببراهين وحجج حول انتقاداتهم للمجهود التنظيمي الذي يقوم به الحزب، صحيح أن هناك طموحات لم تسايرها التنظيمات الديمقراطية للحزب، وذلك أمر طبيعي وموجود في جميع الأحزاب، كما أن هناك من يقنع المناضلين وفق الضوابط التي يرتكز عليها النظام الداخلي والنظام الأساسي بأن الحزب ضعيف الأداء، وليتجاوز ذلك عليه أن يثمن نقاشه الديمقراطي ويضاعف من مجهوداته.

ماذا بخصوص تلقي نبيل بنعبد الله لانتقادات لاذعة، وعلى رأسها اتهامه من طرفه أعضاء من الحزب بتزوير نتائج الانتخابات الأخيرة، ورفع دعاوى قضائية ضده؟

هذا كلام تافه ولا يرقى لمستوى المناضل الذي يحترم نفسه ويحترم تاريخ هذا الحزب العتيد، ولحسن الحظ أن الديمقراطية الداخلية لم تسمح للذين يخوضون في الماء العكر بأن يصلوا إلى مراتب المسؤولية التدبيرية للحزب، إن لكل بيت رب يحميه، وحزب التقدم والاشتراكية يحميه توجهه الديمقراطي ونقاشه البناء، كما يحميه عمله وفق ضوابط الديمقراطية الداخلية، وليس هناك ما يدعو إلى القلق من هذه الناحية، حزبنا مرتاح البال وديمقراطيتنا الداخلية تشتغل بصفة عادية، ونحن نحسن كل يوم ما يجب تحسينه، أما الحديث عن التزوير، فهذا كلام معتوه لا يمكن الالتفاف إليه بالمرة.

مجموعة من أعضاء الحزب المنتمين لتيار "قادمون" ينتقدون سياسة الأمين العام، هل من الممكن أن يفضي هذا الصراع لانقلابهم عليه؟

لن يقع انقلاب على الحزب أبدا، لأن الحزب جسم سليم بالأصل، والجسم الحزبي يسير وفق ضوابط القانون الأساسي للديمقراطية الداخلية، هذا الحزب يتوفر على آلاف الأعضاء، ولجنته المركزية على 500 عضو، وهؤلاء الذين ينتقدونه بمنطق أنه تم الاستلاء على الأدوات الحزبية، هم عاجزون الآن على جعل أعضاء الحزب يلتفتون إليهم ويعتبرون أن مقاربتهم ذات مصداقية، والذي يؤكد ذلك أنهم لجؤوا بعد فشلهم داخليا في الحزب إلى القضاء، حاولوا توظيف السلطة القضائية لخدمة أغراضهم المبتذلة، ونحن لا نلتفت لذلك أبدا، لأن الحزب يستمر، والقافلة ستسير، ونقف عند هذا الحد.

كم هو عدد هؤلاء الأعضاء تحديدا؟

عشرة أعضاء أو 15، وسط 500 عضو في اللجنة المركزية وآلاف الأعضاء عبر امتداد الوطن، هو رقم هزيل، إذا كانوا قادرين على تعبئة الحزب وضم أصوات إلى صفهم فليفعلوا، لكنهم عاجزون كل العجز، لأنهم فاقدون للمصداقية.

لنعرج على موضوع آخر، حزبكم اليوم هو عضو في الائتلاف الحكومي الذي تشوبه النزاعات والتناقضات، نذكر خصيصا منها عدم اتفاق مكونات الأغلبية على مجموعة من القوانين، أهمها مشروع القانون الإطار للتربية والتكوين الذي لم يتم الحسم فيه، بسبب الاختلاف في نقطة لغة تدريس المواد العلمية، ما سبب ذلك؟

تقييمي لهذا موضوع هو أن صراعات العمل السياسي الجاد تتطلب السمو بالنقاش والمقاربات الإصلاحية إلى ما يتجاوز المقاربات السياسوية الضيقة، في قانون منظومة التعليم، أظن أن أكبر خطإ تم ارتكابه هو اختزال النقاش في مسألة اللغة. لا شك في أنها مهمة، لكنها جزء من كل وليست الموضوع كله، برأيي يجب على أعضاء الحكومة الاهتمام بمقتضيات القانون الإطار ومناقشته بشكل معمق عوض الخوض في قشرة الظواهر.

لكن حجر الزاوية في كل هذا هو هذه الصراعات التي تعرقل البرامج الحكو لكن حجر الزاوية في كل هذا هو هذه الصراعات التي تعرقل البرامج الحكومية، ومنها كذلك النموذج التنموي الذي لازال على طاولة النقاش بسبب عدم اكتمال التوافق..

النموذج التنموي في حاجة إلى مقاربة تركيبية، تحليل هذا الحزب أو ذاك ليس ما سيحل لنا المشكل، النموذج التنموي موضوع كبير ومعقد، وما يفترضه المنطق السليم هو البحث عن التوافقات، الموضوع متروك للحكومة الآن، لكنه متروك قبل الحكومة للأحزاب السياسية، وحزب التقدم والاشتراكية اشتغل بكيفية عميقة وجدية في هذا الشأن منذ الأسابيع الماضية، واهتدى في نهاية المطاف إلى مقاربة متكاملة في هذا الموضوع، وتحليله للموضوع جاهز وسنناقشه أمام الهيئة التي تحدث عنها جلالة الملك.

ألا تجدون أن السبب في هذا اللاتوافق هو دخول أحزاب اشتراكية في حكومة يقودها حزب إسلامي، وحزبكم في ماض ليس بالبعيد كان يرفض التحالف مع الأحزاب التي تستعمل الدين في السياسة..

لو كانت هذه الحكومة تخلط بين الدين والسياسة لخرجنا منها منذ زمن، نحن نعتقد أن هذه الحكومة تشتغل وفق برنامج حكومي متوافق عليه من طرف أحزاب ذات مرجعيات مختفة، واهتدينا في نهاية المطاف من خلال التنسيق مع الأحزاب الخمسة المكونة للحكومة إلى مقاربة شمولية تعمل على توظيف منطق البرنامج السياسي وليس البرنامج الإيديولوجي، هناك من يعتبر أن الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية هي حكومة إيديولوجية، وهذا خطأ كبير، لأن تدبير الشأن الحكومي لا يتم من خلال الإيديولوجيا، بل يتم وفق مواصفات سياسية واقتصادية واجتماعية تقوم على إنجاز عملية تركيبية متكاملة، وهذا ما نصبو إليه، فما يجمع حزبنا بحزب العدالة والتنمية الآن ليست المرجعية الإيديولوجية لكن البرنامج الحكومي المتكامل، وهذا لا يمنع من أن يطفو على السطح، بين الفينة والأخرى، نوع من التشنج، لأن هناك رجوع إلى المرجعية الإيديولوجية، ومن الطبيعي أن تكون لكل حزب مرجعيته.

إذن البرنامج الحكومي لديكم أصبح أولى من الإيديولوجيا والمبدأ الاشتراكي المحض الذي تتبنونه؟

بطبيعة الحال، حزبنا حزب اشتراكي محض كما تتفضلين، ويؤمن بالمقاربة التركيبية للبناء الاشتراكي كما تمت صياغتها ومراكمتها على امتداد قرن ونصف أو ما يقرب قرنين، لكن ما هو مطروح في الساحة السياسية الآن، وما هو مطروح لحزب التقدم والاشتراكية من واقع إيديولوجي وسياسي ليس هو بناء الاشتراكية، الاشتراكية ليست مسجلة في جدول أعمالنا الآن، ما هو مطروح أمامنا الآن سياسيا، وفي هذه المرحلة، هو توطيد البناء الديمقراطي، والعمل على توسيع مجال الديمقراطية السياسية، والعدالة الاجتماعية، بغية الوصول للرفاهية الاقتصادية التي ينعم فيها المواطنون.

بمعنى أن زمن الاشتراكية واليسار والنضال قد ولى..

لا مطلقا، هو زمن لم يولي، هو زمن يجعل المرجعية الاشتراكية في حاجة للتغذية بمستجدات التحليل السياسي والوضع الحالي، بعيدا عن المقاربة الدغمائية وكذا الانتهازية.

طيب، في ظل كل هذه النزاعات التي أصبحت واضحة للعيان بين مكونات الحكومة، كيف تقيمون وضعها بصفتكم عضو المكتب السياسي لحزب أغلبي؟

علينا بصراحة أن نبحث عن مدى قدرة هذه الحكومة على تفعيل برنامج الإصلاحات الأساسية التي نص عليها دستور 2011، الذي جاء في سياق ما سمي بين مزدوجتين بالربيع العربي، كان مطروحا أمامنا أن نذهب بالإصلاحات أبعد ما يمكن، وفق ما بشرت به المنظومة الدستورية الجديدة، دستور تمت صياغته بمنطق التوافقات الأساسية، من أجل الذهاب بالإصلاحات إلى أبعد مدى، وعلى العمل الحكومي، في نظري، أن يشتغل بهذا المنطق التوافقي والإصلاحي نفسه، ملفات كبيرة ومعقدة مطروحة الآن على أرضية النقاش، ربما لم يوفق الجميع في البحث عن التوافقات الأساسية في هذا العمل، وأنا أرى أن الطموح الذي تشتغل وفقه الأغلبية الحكومية هو طموح يجب دعمه من أجل الذهاب بمنطق الإصلاحات وفق التوافقات الأساسية المتقدمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى