أخبار الدارسلايدر

من المستفيد من الدعوة لمقاطعة الانتخابات؟ 

الدار/ افتتاحية
بغض النظر عن كونها دعوة تفتقد للحس الوطني والحرص على المصلحة العامة واستمرارية المؤسسات كضمانة للاستقرار، تأتي الدعوة المروِّجة لمقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة في توقيت مشبوه وسياق غير بريء تماما مباشرة بعد إعلان حزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة رئيسه عزيز أخنوش عن تفاصيل برنامجه الانتخابي. برنامج فاجأ أغلبية الأحزاب السياسية بما تضمنه من مشاريع ومقترحات عملية لحل المعضلات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. لا داعي هنا للتذكير بأهم هذه المشاريع التي شملت رفع أجور الأساتذة وخلق مليون فرصة عمل وتخصيص معاش للمحرومين من المسنين.
التهديد بمقاطعة الانتخابات دعوة ليس لها إلا تفسير واحد ووحيد: إنه الاصطفاف وراء حزب العدالة والتنمية الذي يعتبر أكبر المستفيدين من نسب المشاركة الضعيفة. هذا ما خول له الفوز في الاستحقاقين الانتخابيين الأخيرين. كان على صاحبة هذه الدعوة أن تعلن صراحة أنها تدعو إلى التصويت على مرشحي البيجيدي في مواجهة مرشحي الأحزاب الأخرى، وعلى رأسهم حزب التجمع الوطني للأحرار، خصوصا إذا تذكرنا أنها لم تتردد في سابقة من السوابق في إعلان تعاطفها مع حزب الأصالة والمعاصرة بظهورها في الصفوف الأولى بأحد مؤتمراته.
وإذا كانت حيثيات الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات قد ركزت على مسألة تجديد النخب ومحاربة الفساد فإنها تبقى دعوة انتقائية عندما تحصر هذه المظاهر في جهة دون أخرى، أو في شخصية واحدة دون باقي الشخصيات العمومية. إن هذا التهديد بمقاطعة الانتخابات يتعارض تماما مع طبيعة المطالب التي ترفعها صاحبة هذه الدعوة. كيف يمكن التصدي للفساد وتجويد الحياة السياسية وبناء النظام الديمقراطي في غياب الانتخابات التي تعتبر المكسب الديمقراطي الأساسي الذي لا يزال في يد الشعب المغربي؟ ثم هل كل من وجّه اتهامات بالفساد بالجملة للطبقة السياسية أو نخبة الإدارة دون أن يؤسس ادعاءاته على أدلة وبراهين دامغة يعتبر نبيا مصدقا لا يأتي كلامَه باطل من بين يديه أو خلفه؟
مايسة سلامة الناجي تعلم علم اليقين أن المقاطعة الشاملة للانتخابات في المغرب مسألة غير قابلة للتحقق، لكنها تدرك أيضا أن زعزعة الأمل لدى أولئك الناخبين الذين تساورهم الشكوك حول جدوى العملية الانتخابية قد يؤتي ثماره في إقصاء عدد لا بأس به من الأصوات. وهي تعلم أيضا علم اليقين أن الحزب الوحيد الذي يمتلك خزانا قارا من المصوتين الذين لن يتأخروا عن الاقتراع هو حزب العدالة والتنمية. إنها بعبارة دارجة “كتطراسي التيران” للبيجيدي كي يستفيد من الفراغ ويجني أوسع فارق ممكن بينه وبين بقية الأحزاب خصوصا بعد أن أصبحت الحظوظ شبه متساوية بفضل القاسم الانتخابي الجديد.
على مايسة أن تكون صريحة مع متابعيها وتوجههم مباشرة نحو التصويت على مرشحي حزب العدالة والتنمية، وهي بالمناسبة تمتلك كل الحق في ذلك، ويمكنها حتى أن ترافق سعد الدين العثماني في جولاته التواصلية التي تسبق الانتخابات. أما أن تثبط عزائم المغاربة المتشبثين بأمل التغيير عن طريق صناديق الاقتراع وهي تعرف أن مجندي العدالة والتنمية لن يتأخروا عن أداء واجبهم الحزبي فهذا مكر سياسي يجب أن تمتلك الجرأة الكافية لتعلنه صراحة أمام الناس.
زر الذهاب إلى الأعلى