أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: رسالة مباشرة إلى العسكر في الجزائر..

الدار/ افتتاحية

واهم من يظن أن المغرب بقيادته الملكية الرشيدة يريد أن يهيمن أو يصبح متزعما للمنطقة، رغم أنه يمتلك كل مقومات هذه الزعامة تاريخا وموقعا وتنظيما وبنيات اقتصادية وسياسية.

المغرب كما ظهر ذلك بجلاء في الخطابين الملكيين الأخيرين يحمل مشروع الشعوب المغاربية في قلبه ويريد أن تتحول هذه الشعوب ودولها إلى تكتل إقليمي قوي بديمغرافيته وجغرافيته وموارده. الملك محمد السادس كان يتحدث في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب بلسان كل دول وشعوب المنطقة المغاربية وهو يوجه كلامه لبعض القوى الأوربية التي لا تزال تنظر إلى المغرب الكبير وإفريقيا باعتبارها حديقة خلفية ومحميات تابعة لها.
الأمر لا يتعلق بشعارات وأطر وهياكل فارغة من المحتوى على غرار الجامعة العربية أو حتى الاتحاد الإفريقي. الملك محمد السادس يؤمن بمغرب عربي كبير موحد وقوي، يمكن أن يذهب إلى أبعد مدى في وحدته ويبني تكتلا شبيها بالاتحاد الأوربي. وهذا هو ما أكد عليه الملك في خطاب العرش الأخير عندما وجه رسالة مصالحة مباشرة للجزائر وقادتها. صحيح أن تجاوب هؤلاء كان غاية في السلبية، لكن ذلك لا يعني أن المشروع المغاربي قد مات. إنه مشروع جيواستراتيجي كبير وطموح يمكن أن ينقذ دول المنطقة وشعوبها من الأطماع الخارجية التي تتناوشها، من تدخلات الشرق والغرب، مثلما هو الحال في ليبيا، ومثلما قد يصبح الأمر عليه في تونس.
ولذلك إن آخر من يفكر في التحول إلى قوة مسيطرة ومهيمنة كما تدعي مراكز البحوث الألمانية ومثلما تروج وسائل إعلام العسكر في الجزائر هو المغرب. بل إننا نكاد نجزم أن المغرب مستعد كل الاستعداد أن يعطي لأي بلد مغاربي كان مشعل القيادة والزعامة، المهم أن يتحقق الحلم المغاربي، ويخرج الاتحاد من حيز الفكرة النبيلة إلى حيز التطبيق العملي. بل إننا يمكن أن نذهب بعيدا مع المهووسين بنظرية المؤامرة، ونتهم المغرب بالبراغماتية الخالصة وهو يسعى إلى تحقيق الحلم المغاربي. وهل البراغماتية تهمة يُتبرأ منها!! إن البراغماتية هي التي حولت دول أوربا المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية إلى دول متقدمة ورائدة. إن البراغماتية هي التي حولت الصين في ظرف ثلاثة عقود من بلد فلاحي متخلف إلى أحد أقوى اقتصادات العالم. البراغماتية هي التي تحول أعداء الأمس إلى أصدقاء يتبادلون المصالح والمنافع.
للأسف إن العصابة العسكرية في الجزائر لا تريد أن تفهم لغة العواطف والإنسانية والتاريخ المشترك، ولا لغة المصالح والمنافع البراغماتية من أجل التجاوب إيجابا مع مبادرات المغرب والسير قُدما نحو المشروع المغاربي الذي لا محيد عنه لرخاء واستقرار المنطقة.
نقول للعسكر في الجزائر: خذوا الألقاب والزعامة والمقدمة، واتركوا لنا اتحاد المغرب العربي. خذوا السمعة والشهرة وشعارات المجد ودعونا نحقق هذا الحلم لشعوب الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وليبيا. إنها لحظة تاريخية هذه التي تمر بها المنطقة، والفرصة اليوم مواتية بل تفرض على بلدان المنطقة أن توحد الجهود والموارد والخطط من أجل بناء وطن كبير محصن وآمن ومستقر للجميع. إنها محطة حساسة يمكن أن تنفلت فيها رقابنا من ربقة التسلط الأوربي بعد أن أضحى الاتحاد الأوربي نفسه بناء آيلا للانهيار. وإن من يعرقل بناء المشروع المغاربي في هذه اللحظة إنما يضع على عاتقه لوم التاريخ، عندما سيصبح التكتل غدا ومع النظام العالمي الجديد حلما بعيد المنال.
نحن إذن أمام فرصة غير مسبوقة، فإما أن نتكاثف ونتضافر لكي نساهم في بناء هذا النظام العالمي الجديد، الذي ستفرزه الجائحة، ونصبح عمودا من أعمدته. وإما أن نتقاعس ويتآمر هذا على ذاك، ويتهم أحدنا الآخر، ونبقى على هامش هذا النظام ونعيش لعقود أخرى طويلة خارج التاريخ.

زر الذهاب إلى الأعلى