أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: رسالة إلى الناخبين.. لا يزال هناك وقت لوضع بصمتكم في مغرب الغد

الدار/ افتتاحية

ساعات قليلة تفصلنا عن إعلان الفائز بالانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية التي تجري اليوم في أجواء يملأها التفاؤل والأمل في التغيير وبناء مغرب جديد. كل المؤشرات تبشر بارتفاع نسب المشاركة التي استقرت عند منتصف النهار في 12 في المائة، وهي نسبة تفوقت على سابقتها المسجلة في انتخابات 2016. لكن الأهم من الأرقام والمعطيات هي هذه الروح الجديدة المختلفة والمتحمسة التي انبعثت في نفوس المغاربة ودفعتهم إلى التفكير والإيمان من جديد بجدوى الانتخابات والعمل السياسي وربما استرجاع الثقة في المؤسسات المنتخبة. إن هذا الاقتراع الذي يفترض أن يفرز كل المجالس والهيئات المنتخبة قد يمثل إذن استحقاقا بهدف أسمى يتمثل في استعادة ثقة المواطن في منتخبيه ومؤسساته.

هذه غاية سامية وهامة جدا بالنسبة لمغرب اليوم. إنها تأكيد على أن المشاركة لا بديل عنها، وأن أوهام المقاطعة والمعارضة لأجل المعارضة والصدام المجاني لا طائل من ورائها، فهي لم تغير واقعا ولا أسقطت حكومات وأفرزت نخبا حقيقية وكفؤة قادرة على الاستجابة للتطلعات ورفع التحديات. لذلك وقبل أن تغلق صناديق الاقتراع مساء هذا اليوم، لا يزال أمام مئات الآلاف بل الملايين من الناخبين الفرصة لوضع بصمتهم التاريخية في هذه الانتخابات التي سيكون لها ما بعدها. لقد سجلت هذه الاستحقاقات مستجدات كثيرة من بينها التزامن بين السباق الانتخابي المحلي والجهوي والبرلماني، وهو أمر قد يضمن لأول مرة في تاريخ المغرب ربما نوعا من الانسجام والتناغم بين الهيئات المركزية والهيئات المحلية ومن ثمة قد يساعد في بناء مؤسسات لا تعرقل عملها الحسابات السياسوية الضيقة.

إذا تواصلت وفود المصوتين على مكاتب التصويت واختار المغاربة بحرية واستقلالية مرشحيهم ولوائحهم والأحزاب التي يثقون في أفكارها وتصوراتها فهذا يعد في حد ذاته مكسبا مهما للغاية، خصوصا أنه تأسس على مكسب لا يقل أهمية سجلناه بشكل ملموس منذ انطلاق الحملة الانتخابية وهو سخونة المنافسة بين العديد من الأحزاب والقادة والبرامج والتصورات. لم يعش المغاربة حملة انتخابية كالتي مرت منذ عقود، ولم تبرز على الساحة السياسية منافسة بين الأشخاص والبرامج كالتي رأيناها مؤخرا. لقد اجتهدت العديد من الأحزاب السياسية في بلورة برامج وخطط اقتصادية واجتماعية مهمة، تتضمن مقترحات يمكنها إن نفذت أن تساهم في تطوير المغرب وتعميق المكتسبات المسجلة في العديد من المجالات.

ولأجل كل هذا لا بد أن يخرج كل المغاربة إلى صناديق الاقتراع، كلهم دونما استثناء، المتفائلون والمتشائمون، الآملون واليائسون، المنتمون واللامنتمون. فهذا العرس الديمقراطي المشهود قد يمثل فعلا لحظة تاريخية تدشن لمرحلة جديدة نحو بناء المغرب القوي في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية. إن التصويت اليوم ليس مجرد أداء لواجب وطني روتيني، وإنما هو أيضا رسالة من الناخبين المغاربة للخارج حيث المتربصون بوحدة المغرب وبمشاريعه وأوراشه كشروا عن أنيابهم في الشهور الأخيرة وأظهروا حقدهم الصريح وأعلنوا سعيهم لفرملة كل الجهود التي تبذل وضرب دينامية التحديث والتطوير.

على الذين حسموا اختيارهم الانتخابي أن يخرجوا للإدلاء بأصواتهم، وعلى الذين لا يزالون حائرين أو يفكرون أمامكم مسافة “السكة” من البيوت إلى مكاتب التصويت للحسم والاختيار، والمساهمة في قطع الطريق على الفاسدين وعلى من يعيقون تطوير البلاد ونموها، ويعطلون انطلاقتها الحقيقية نحو المستقبل. إن الصوت الانتخابي اليوم هو السلاح الوحيد الذي يمتلكه الناخبون من أجل تزكية الذين بذلوا قصارى الجهود ومعاقبة أولئك الذين فرطوا وتهاونوا في الوفاء بالوعود وأداء العهود.

زر الذهاب إلى الأعلى