الدار/ تحليل
يبدو أن المعلق الرياضي الجزائري حفيظ دراجي المحسوب على عصابة العسكر “حطها فالجوووول” كما يقول، لكنه “الجووول” الخطأ، بعد أن خرج عن سياق الأدب والاحترام بما جادت به قريحته المريضة من سب وقذف وتشهير في حق المرأة المغربية والمغاربة عموما. ما صدر عن الرجل بالأمس في دردشة على حسابه الخاصة بتويتر تجاه تعليق إحدى المتابعات ينمّ عن حقيقة الحياد المزعوم الذي يفترض أن يتمتع به الصحافي عموما والمعلق الرياضي على الخصوص تجاه مختلف الأحداث الرياضية التي يتابعها ويعلق عليها. لقد انكشفت بسرعة ادعاءاته السابقة المزعومة عن كونه مجرد صحافي رياضي محايد ولا علاقة له بما يجري من أحداث عندما يتعلق الأمر بعلاقات الجزائر بجيرانها وبمحيطها.
لقد حاز دراجي من خلال هذا السلوك الصبياني والمتهور جائزة أسوأ معلق رياضي عربي بعد أن زجّ بنفسه في جدل ونقاشات ينبغي لمن هم في موقعه أن يظلوا بعيدين عنها مركزين فقط في مهامهم الصحفية الخالصة تفاديا لمثل هذه الانزلاقات التي يمكن أن يؤدوا ثمنها باهظا سواء من صورتهم أو من وضعيتهم المهنية والقانونية. والحقيقة أن ما صدر من سب وقذف بهذه الشاكلة لا يمكن أن يصدر إلا عن رجل من طينة حفيظ دراجي الذي فضّل أن يبقى “كاري حنكو” للعسكر من أولياء نعمته على الرغم من أن الله منّ عليه بفرصة العمر عندما انتقل من حفرة التلفزيون الجزائري الذي كان يعمل به إلى قناة رياضية عربية متخصصة ويشاهدها الملايين وتتيح له فرصا عالية للترقي والتطور المهني.
لقد أطلق دراجي النار على نفسه بما أقدم عليه من فعل لا يصدر إلا عن الصغار. إن مشكلة هذا الصحافي الرياضي تكمن بالأساس في أنه لم يستطع فك الارتباط مع ولائه الأعمى لنظام العسكر ومراكز النفوذ داخل النظام الجزائري المركّب. غادر الجزائر نحو قطر، لكنه ظل يمارس عمله الدعائي من هناك بدعوى الدفاع عن بلاده ووطنه، والحال أن هناك فرقا كبيرا بين الولاء المشروع للوطن والولاء المهووس لنظام عسكري متسلط على رقاب الجزائريين وعلى المنطقة ككل، ويمثل تهديدا للاستقرار فيها، ويحترف مراكمة الإخفاقات ومظاهر الفشل الداخلي والخارجي.
وفي كل الأحوال لا يهمنا أن يكون حفيظ دراجي أو غيره مستعدين لوضع ألسنتهم وأفواههم في خدمة هذا النظام أو ما شابهه، لكن لا يجب أن يستغرب دراجي أيضا مما سيطاله من نقد ومواجهة وربما متابعة قضائية ومحاكمة إعلامية عندما يتجاوز حدوده ويتطاول على الشرفاء والشريفات من أبناء وطننا الحر. يوجد الكثير من الصحافيين والإعلاميين المغاربة المحترفين الذين يعملون في قنوات ومؤسسات إعلامية كبرى ومنها القناة المتخصصة التي يعمل فيها حفيظ دراجي، لكنهم ينأون بأنفسهم تماما عن الدخول في صراعات الديكة التي احتراف دراجي دخول غمارها بحثا عن الشهرة المجانية وبناء على توجيهات النظام العسكري الفاشل الذي لم يعد يجد له من مروّج ومناصر إلا أبطال من ورق من قبيل هذا المعلق الرياضي وأمثاله.
لم نر يوما عبد الصمد ناصر ولا محمد عمور ولا أمين السبتي ولا غيرهم من الإعلاميين المغاربة يتطاولون على أبناء وبنات الشعب الجزائري ويخرجون عن جادة الصواب وعن آداب الحوار والنقاش بالسب والقذف والتشهير المجاني. والسبب في هذا الالتزام ليس راجعا فقط إلى أخلاقهم وانضباطهم لقيم وقواعد الآداب العامة فقط، بل أيضا لأنهم يعرفون كيف يميزون بين دورهم كصحافيين مهنيين مشاهير وبين مواقفهم وآرائهم السياسية والوطنية. مشكلة الكثير من الإعلاميين العرب وعلى رأسهم حفيظ دراجي هو هذه الشوفينية الحارقة التي تسكنهم. وهنا يظهر الاستثناء المغربي الذي يجعلنا كمغاربة نفتخر بهذا الوطن وبالانتماء إليه لكن بعيدا عن أي مزايدات سياسية وعنصرية فارغة كالتي يقع فيها للأسف الكثير من المشاهير من جنسيات عربية أخرى.