التعاون الأمني والعسكري بين المغرب والإمارات…رافعة للاستقرار وحصن منيع ضد الإرهاب
الدار- خاص
يعود تاريخ العلاقات المتميزة التي تجمع المغرب والإمارات الى سنة 1972 في عهدي الملك الراحل الحسن الثاني والشيخ زايد، طيب الله ثراهما، حيث كان المغرب من أوائل الدول التي دعَّمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية، وبالمقابل ظلت الامارات على الدوام، داعمة لمغربية الصحراء في مختلف المحافل الدولية والإقليمية.
وشهدت العلاقات بين الرباط وأبوظبي، تطورًا متزايدًا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والإعلامية والسياحية والثقافية والصحية.
وسنحاول في موقع “الدار” الوقوف على تجليات هذه العلاقات المتميزة من خلال مقالات يومية نرصد من خلالها واقع هذه العلاقات من مختلف الجوانب، وآفاقها المستقبلية الواعدة.
يرتبط المغرب والامارات بتعاون أمني وعسكري، وطيد يتعزز يوما بعد يوم بتوقيع اتفاقيات، وعقد مباحثات لدراسة التحديات الأمنية الإقليمية التي تواجه البلدين، خصوصا وأن البلدان راكما تجربة مهما في المجال الأمني و الاستخباراتي.
وتعزز هذا التعاون الأمني والعسكري بين الرباط و أبوظبي، باتفاقية مهمة جدا، جرى توقيعها سنة 2015، بحضور كُل من جلالة الملك محمد السادس، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
الاتفاقية، التي تهم تعزيز التعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب، تنص على توسيع التعاون، ليشمل مجالات السياسات الأمنية والدفاع وإقامة دراسات وأبحاث في الصناعات العسكرية، بالإضافة إلى التعاون في القوانين العسكرية، مع دعم الإمداد العسكري، والخدمات الطبيبة، والعمليات الإنسانية، في حفظ السلام. وقد وقع هذه الاتفاقية عن الجانب الإماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، وعن الجانب المغربي محمد حصاد وزير الداخلية الأسبق.
ويلتزم الطرفان، وفقا لبنود الاتفاقية العسكرية، على حماية المعلومات، أو المواد المصنفة طبقا لدرجة السرية، أو تحديد آخر ما يمكن أن تحمله تلك المعلومات والمواد، وذلك في حالة تبادلها أثناء تنفيذ هذه الاتفاقية، وأيضا على أن “يستمرا في حماية تلك المعلومات بعد انتهائها”.
ولتفعيل بنود هذا التعاون العسكري بين المغرب والامارات، أصدر جلالة الملك محمد السادس ظهيرا ملكيا يأمر تنفيذ بنود الاتفاقية، والتي تنص على تشكيل الطرفين لجنة مشتركة للتعاون العسكري، لمدة خمس سنوات، ويتم تلقائيا تمديدها لفترات متعاقبة، مدة كل منها خمس سنوات.
وفي هذا الاطار، عهد إلى اللجنة المشتركة بين البلدين، تحديد الآليات الملائمة لتنفيذ الاتفاقية المذكورة، وكذا الاتفاق على مذكرات التفاهم، أو البروتوكولات، أو الترتيبات التي تتم بموجبها، كما تجتمع اللجنة المشتركة بانتظام في كل من البلدين بالتناوب، أو حسب ما يقرره الطرفان خلال اجتماعهما.
وقبل ذلك، وبالضبط في سنة 2014، أصدر جلالة الملك محمد السادس، تعليماته لـ”تقديم المملكة دعما فعالا لدولة الإمارات العربية المتحدة في حربها على الإرهاب والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين”، حيث أكد بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، آنذاك، أن هذا العمل “يأتي لتعزيز تعاون عسكري وأمني متعدد الأوجه يمتد على فترة طويلة مع بلدان الخليج”، مشيرا إلى أن المساهمة ستشمل جوانب عسكرية عملياتية واستعلاماتية.
وأضاف البيان أن ” العمليات الدولية الإنسانية وتلك المتعلقة بالحفاظ على السلم التي شاركت فيها المملكة المغربية من أجل الدفاع عن الأمن الوطني والوحدة الترابية للدول الشقيقة والصديقة للمغرب”، مبرزا أنه قد سبق نشر المئات من الجنود المغاربة وعلى مدى عدة عقود فوق التراب الإماراتي في إطار المساهمة في تكوين جهاز الأمن بإمارة أبوظبي”.
وتواصل التعاون العسكري بين المغرب ودولة الامارات العربية المتحدة، الذي تؤطره اتفاقية إطار، تم توقيعها في ماي 2006، وتهم على الخصوص، مجالات التكوين وتبادل الزيارات والدعم العملياتي والتقني وكذا على مستوى المعدات، حيث تباحث الجنرال دوكور دارمي بلخير الفاروق، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، يوم الثلاثاء 28 شتنبر الماضي، في الإمارات، مع محمد بن أحمد البواردي وزير الدولة لشؤون الدفاع الإماراتي، بحضور حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة.
في 29 مارس 2021، قام الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي، رئيس أركان القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، بزيارة للمملكة على رأس وفد عسكري هام، حيث حظي باستقبال عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، بتعليمات ملكية سامية.
وقد شكل هذا اللقاء فرصة للمسؤوليْن لتسليط الضوء على العلاقات الأخوية وجودة التعاون متعدد الأشكال، الذي يجمع المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة، كما تناولت المباحثات بين المسؤوليْن أيضا، تعزيز التعاون العسكري المغربي-الإماراتي وسبل الارتقاء به إلى مستوى العلاقات المتميزة والشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين.
كما حظي الوفد الاماراتي، أيضا، وتنفيذا للتعليمات السامية لجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، باستقبال من طرف الجنرال دوكور دارمي المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، على مستوى القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بالرباط.
ونظرا لأهمية هذا اللقاء، فقد جرت المباحثات بحضور رؤساء المكاتب المعنية التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، ومفتش القوات الجوية الملكية، وكذا أعضاء الوفد الإماراتي والملحق العسكري بسفارة الإمارات العربية المتحدة في الرباط، تناولت مختلف جوانب التعاون العسكري بين البلدين.
هذه الزيارات، و المباحثات الهامة، تجسد الإرادة المشتركة والصريحة للمغرب والامارات، من أجل تمتين وتعميق التعاون العسكري الثنائي، الذي يتم تطوير وإثرائه بشكل منتظم، خاصة بفضل اجتماعات اللجان العسكرية المختلطة التي تنعقد بالتناوب بين الرباط وأبوظبي.