بمقر رئاسة النيابة العامة.. حفل إطلاق “مصنف الأحكام والعرائض الصادرة عن المحاكم المغربية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضايا العنف ضد المرأة”
في إطار برنامج التعاون التقني بين رئاسة النيابة العامة والاتحاد الأوروبي بالمغرب و:مجلس أوربا، نظم صباح اليوم الاثنين 14 مارس 2022. بمقر رئاسة النيابة حفل إطلاق “مصنف الأحكام والعرائض الصادرة عن المحاكم المغربية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضايا العنف ضد المرأة”.
ويهدف هذا المصنف إلى التعريف بتوجهات محاكم المملكة المغربية والمحكمة الأوروبية الحقوق الإنسان في معالجة قضايا العنف ضد النساء. كما يوفر آلية للتعريف بكيفية تفعيل القضاء المغربي لمقتضيات القانون رقم 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء، سواء بالنسبة لمهنيي العدالة أو لباقي المتدخلين في هذا المجال.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المصنف يتضمن مجموعة من القرارات والأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية ومجموعة من عرائض النقض، بالإضافة إلى انتقاء أهم الأحكام النوعية الصادرة عن المحكمة الأوروبية خلال السنوات الأخيرة والتي تكرس حماية ناجعة للمرأة في مجال مكافحة العنف ضد النساء.
وفي ما يلي كلمة رئيس النيابة العامة بشأن حفل تقديم مصنف الأحكام والعرائض النموذجية الصادرة عن محاكم المملكة المغربية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛
– السيدة ممثلة السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
– السيدان ممثلا السيد وزير العدل.
– السيد جون كريستوف فيلوري، الوزير المستشار، رئيس التعاون لدى بعثة الاتحاد الأوروبي بالرباط .
– السيدة كارمن مورتي غوميز (Carmen Morte Gomez) رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب.
– الحضور الكريم كل باسمه وصفته والاحترام الواجب لشخصه
يسعدني في مستهل هذا اللقاء أن أعبر لكم عن عميق فخري واعتزازي بمناسبة تقديم مصنف الأحكام والعرائض النموذجية الصادرة عن محاكم المملكة المغربية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمعد بشراكة مع مجلس أوروبا، واغتنم هذه المناسبة لأتوجه له بالشكر الخاص على الدعم الذي ما فتئ يقدمه لبرامج هذه الرئاسة ومن بينها إنجاز هذا المصنف الذي يندرج في إطار استمرار مشروع رئاسة النيابة العامة الهادف إلى تعزيز الحماية الجنائية للمرأة من خلال نشر الأحكام والعرائض النموذجية المتعلقة بهذا الموضوع.
ويتسم هذا الموضوع بأهمية بالغة لكونه يستجيب للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تعزيز المركز القانوني للمرأة في المجتمع. ونستحضر بهذه المناسبة الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك نصره الله إلى المشاركين في الدورة ال61 لمؤتمر النساء رئيسات المقاولات العالمية بمراكش بتاريخ 27 شتنبر 2013 حيث قال جلالته” واصل المغرب وبخطوات حثيثة وعقلانية مسيرته على درب تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات ولاسيما بالعمل على التطبيق الأنجع لأحكام مدونة الأسرة التي منحت المرأة وضعا يحفظ لها كرامتها ويضمن لها العدل والإنصاف….. وفي إطار تشبثنا بهذا المسار حرصنا على الترسيخ الدستوري للمساواة بين الرجل والمرأة بمناسبة التعديل الذي عرفه دستور المملكة الذي صادق عليه الشعب المغربي على أوسع نطاق في شهر يوليوز 2011.” انتهى النطق الملكي السامي.
حضرات السيدات والسادة
لقد أحرزت المملكة المغربية تقدما كبيرا في مجال محاربة العنف ضد النساء سواء على المستوى القانوني أو المؤسساتي إلى جانب الانخراط الدائم والفعلي في المجهودات الدولية الرامية إلى متابعة هذه الظاهرة.
وفي هذا الإطار تأتي المصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية ورفع بعض التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وملاءمة القوانين مع الاتفاقيات الدولية
وفي سياق تفعيل رئاسة النيابة العامة لدورها الدستوري في حماية الحقوق والحريات ولأولويات السياسة الجنائية بالمملكة المغربية والتي تعتبر مكافحة العنف ضد النساء من بين أهمها، دأبت على تتبع عمل النيابات العامة في هذا الصدد من أجل تعزيز أدوارها في تسهيل ولوج النساء ضحايا العنف للحماية القضائية ومنع استمرار العنف ضدهن وجسدت ذلك من خلال العديد من الدوريات والمناشير التي أصدرتها بالإضافة إلى أن التقارير السنوية الصادرة عن هذه الرئاسة خصصت حيزا هاما لتحليل ظاهرة العنف ضد النساء ومحاصرتها من خلال التوصيات التي تروم تطوير الوسائل الكفيلة بمكافحة العنف ضد النساء.
كما عملت رئاسة النيابة العامة أيضا على تنظيم العديد من الدورات والبرامج التكوينية قصد تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة في مجال حماية حقوق المرأة ومحاربة كل أشكال العنف ضدها، ومن أهم هذه البرامج برنامج التعاون التقني بين رئاسة النيابة العامة ومجلس أوروبا والذي تم من خلاله تنظيم ست دورات تكوينية جهوية شملت 650 قاضية وقاضيا حول التحديات المتعلقة بهذه الظاهرة على المستوى القضائي، فضلا عن تعزيز اطلاعهم على المعايير الوطنية والدولية، وأفضل الممارسات المعمول بها في هذا المجال.
حضرات السيدات والسادة
في إطار تقييم هذه الدورات التكوينية الجهوية التي استهدفت قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة لدى المحاكم المغربية، من أجل تعزيز قدراتهم وصقل مهاراتهم في مجال حماية النساء من كل أشكال العنف، برزت أهمية تجميع مصنف يتضمن مجموعة من المقرارات القضائية وعرائض النقض المختارة بعناية، حيث تم تجميع أزيد من 900 مقرر قضائي ودراستها وانتقاء 66 مقررا قضائيا وعريضة صادرة عن المحاكم المغربية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
بالإضافة إلى انتقاء أهم الأحكام النوعية الصادرة عن المحكمة الأوروبية خلال السنوات الأخيرة والتي تكرس حماية ناجعة للمرأة في مجال مكافحة العنف ضد النساء، خاصة وان القانون 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء تضمن مجموعة من الآليات الحمائية للمرأة، وهو ما يتطلب تعميم المعرفة بأحكامه سواء بالنسبة لمهنيي العدالة أو لباقي المتدخلين في هذا المجال.
وقد تضمن المصنف كذلك مجموعة من عرائض النقض تبرز جهود قضاة النيابة العامة الفكرية والتحليلية في تجسيد الادعاء العام، من خلال ممارسة الحق في الطعن، مع العلم أن محكمة النقض قد تبنت تعليلات النيابة العامة في العديد من القرارات المضمنة في هذا المصنف.
وبهده المناسبة فإنني أدعو السادة قضاة النيابة العامة إلى الحرص على بذل المزيد من الجهود لتفعيل المقتضيات القانونية الرامية إلى تفعيل الحماية القانونية والقضائية للمرأة، والقيام بالمرافعات اللازمة خلال المحاكمات ذات الصلة بالموضوع مع تقديم ملتمسات تهدف إلى تفريد العقوبات المناسبة في مواجهة مرتكبي جرائم العنف ضد المرأة وبالتالي المساهمة في تعزيز الحماية القانونية والقضائية لها.
وفي ختام هذه الكلمة أتوجه بالشكر الجزيل للجنة العلمية التي سهرت على إعداد هذا المصنف، والتي عملت على دراسة المئات من الأحكام والقرارات القضائية، متوجة عملها بانتقاء أفضلها، كما لا يفوتني أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى قطب النيابة العامة المتخصصة والتعاون القضائي ومجلس أوروبا اللذين ساهما بشكل فعال وتشاركي في إعداد هذا المصنف.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير وطننا ومواطنينا بمختلف فئاتهم، وجعلنا جميعا عند حسن ظن جلالة الملك محمد السادس دام نصره وعزه، وحفظه الله بما حفظ به الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي رشيد وكافة أسرته الشريفة، إنه سميع الدعاء وبالإجابة جدير.
والله ولي التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
م. الحسن الداكي
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة