الدار/ تحليل
1 دجنبر 2022 يوم تاريخي من أيام الكرة المغربية والعربية. لأول مرة سيكون بإمكان منتخبنا الوطني فرصة تحقيق الانتصار الثاني في الدور الأول من كأس العالم. لم يسبق للنخبة الوطنية أن حققت هذا الإنجاز. ولأول مرة سيكون بإمكان هذا المنتخب أن يتأهل إلى الدور الثاني بحصة كبيرة من النقاط. هذه مجرد أرقام. لكن الأهم من كل ذلك هو أننا نعيش لأول مرة منذ سنوات، أي منذ مونديال 1986 شعورا من التلاحم والانسجام الوطني غير المسبوق. صورة الفتاة المغربية من ذوي الاحتياجات الخاصة التي كانت تشجع المنتخب الوطني في مباراته أمام المنتخب البلجيكي خلقت الحدث في العالم العربي وأثارت إعجاب الكثير من المتابعين، لكنها في الحقيقة تعكس هذا الشعور الجارف الذي يعيشه كل المغاربة هذا اليوم.
بعد ساعات قليلة سيتسمّر المغاربة جميعا أمام شاشات التلفزيون لمشاهدة أسود الأطلس. سيجلس الأسود لتشجيع الأسود، ومتابعة أسود آخرين داخل الملعب وهم يشجعون فريق الأسود. فمنتخبنا الوطني لا يستند فقط إلى لاعبيه المحترفين والموهوبين من أمثال حكيمي وزياش وبونو فقط، وإنما يعتمد أيضا على هذا الجمهور الواسع الذي يمتع ويقنع في الوقت نفسه بجدوى كرة القدم وأهميتها في إحياء روح الانتماء والولاء لهذا الوطن. كل المغاربة سيحملون اليوم راية الوطن قلوبهم ووجدانهم وهم يتابعون مشهدا يتشوقون إليه منذ زمن، مشهدا ينتصر فيه الإنسان المغربي ويحقق فيه نجومية عالمية، ولا يكتفي فيه بالدفاع عن حظوظ الكرة الوطنية بقدر ما يمثّل أيضا الكرة العربية والإفريقية.
وكم هو مؤثر هذا الشعور الذي يهيمن على الأجواء في هذا اليوم الذي تزامنت فيه أجواء التفاؤل بتأهيل المنتخب الوطني بأجواء الفرج السماوي بسقوط المطر. أمطار الخير التي تتهاطل اليوم على عدد من مناطق المغرب تبشر هي أيضا بما ينتظر الكرة الوطنية من مسار قد يكون هو الأفضل في تاريخ كرة القدم المغربية والعربية. ومن قوة هذه اللحظة التاريخية أن أسود الأطلس لن يحظوا اليوم فقط بتشجيع المغاربة، بل سيكون وراءهم أيضا ملايين المشجعين العرب، الذين لم يعد لهم من أمل غير هذا المنتخب بعد إقصاء كل المنتخبات العربية الأخرى ممثلة في السعودية وقطر وتونس. إنها ساعات فقط هذه التي تفصلنا عن هذا الموعد الذي يعيد مصالحة المواطن المغربي مع روح الانتماء.
لقد تابع الجميع كيف كان لعب الجمهور المغربي دورا مهما وحاسما في الملعب في المباراتين الأوليين أمام كرواتيا وبلجيكا، وهذا الجمهور نفسه هو الذي سيصدح اليوم بكل ما ستجود به أحاسيس الفخر والاعتزاز بالمنجز الكروي، وسنشاهد جميعا في ملعب الثمامة مرة أخرى ملحمة على العشب وملحمة أخرى على مدرجات الملعب، حيث الجماهير المغربية تسطر في قطر لوحات جديدة من المجد والتميز والتفوق. لقد اعتاد مونديال قطر على الجمهور المغربي، الذي يعد إلى حدود اليوم واحدا من أكثر الجماهير تنشيطا وتأثيرا وإثارة في هذه الكأس العالمية التي تقام لأول مرة على أرض عربية.
ولعلّ احتفاء الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” في الكثير من إعلاناته وتغريداته بهذا الجمهور دليل على أنه سيكون عنصرا فاعلا في نجاح هذه البطولة وتميّزها خصوصا مع مواصلة المنتخب الوطني لمشواره فيها بنجاح. ولن يخطئ وليد الركراكي وأشباله اليوم الموعد مع هذا العشق الخالد الذي يكنّه الجمهور لهذا الفريق. صحيح أن المنتخب الكندي منتخب مختلف تماما عن كرواتيا وبلجيكا سواء من حيث أسلوب اللعب أو من حيث المهارات الفردية، لكن الثقة الكاملة في هذا المدرب المتألق تمنح لهذه الجماهير الواسعة، التي ستوقف عقارب الساعة عند الرابعة زوالا، أملا وأفقا واسعا من التفاؤل باستكمال العرس الكروي المغربي في قطر وتتويج فريقنا الوطني بالمرتبة الأولى على رأس مجموعته ليؤكد مجددا أنه يستحق دخول قائمة الكبار.