أخبار الدار

مصدر أمني يرد على حسن أوريد.. الأمن الشامل يتجاوز الأبعاد المؤسسية والتنظيمية

الدار/

نشرت منابر إعلامية تصريحات منسوبة لحسن أوريد، والي الداخلية السابق عن جهة مكناس تافيلالت، يزعم فيها أن إدارة الأمن الوطني هي إدارة مثلما هي إدارات التضامن الاجتماعي والأسرة وغيرها، زاعما فيما نسب إليه" بأن هذه إدارات تتطلب تحقيق وظيفتها الوطنية كما هو مُدرج في تسميتها، لكن، هل تفعل ذلك؟ كلاّ، فهذه المؤسسات الإدارية لا تعكس دولة، لأنها أدوات لا تحقق وظائفها الوطنية، وتبقى مجرد أدوات بدون وظيفة ولا يمكن أن يحتملها مفهوم الدولة”.

وجوابا على هذه التصريحات، شدد مصدر أمني على أن الظاهر أن السيد حسن أوريد أسس استيهاماته الذاتية على اشتقاق لغوي لكلمة الأمن الوطني، دون أن ينفذ إلى البعد المفاهيمي والوظيفي للمؤسسة، بدليل الكلام المنقول عنه والذي يعتد فيه "بما هو مدرج في تسمية المؤسسات"، وهو استنتاج لا تتحقق فيه (ولا به) موجبات التحليل العلمي، ولا يمكنه أن يرتب نتائج أكاديمية، لأنه أقرب إلى الانطباع الشخصي الذي يمسك بتلابيب الأشياء لا بجوهرها، خصوصا وأن من صدرت عنه لا يعرف – مبدئيا- عن الأمن إلا "ثالوث النظام العام" الذي كان يتولى تصريفه أيام سنوات خدمته في الإدارة الترابية.

فالأمن في مفهومه الواسع، وبعيدا عن التركيبة اللغوية للمؤسسة، بات يتجاوز الأشكال التنظيمية للمرافق العامة، فهو من جهة أولى "حق دستوري" يتجسم في مجموعة من الحقوق الأساسية مثلما هو الحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية والحق في الملكية والحق في السفر والتظاهر وغيرها، وهو بذلك يتخطى الطابع المؤسسي للمرفق العام الشرطي، الذي ينيط به القانون صلاحيات الضبط العام وإنفاذ التشريعات الزجرية.

والأمن، من جهة ثانية، هو منفعة جماعية تتيح لمواطني الدولة، التي ينكر حسن أوريد وجودها، صلاحيات التمتع بكافة الحقوق والحريات، ويقنن حدود هذا التمتع ونطاق انطباق الاستفادة منها، بدون إفراط ولا تفريط، وبمنأى عن كل شطط أو تجاوز. والأمن ثالثا هو تكلفة جماعية يساهم كل الفاعلين المجتمعيين والمؤسساتيين في تحمل أعبائه، والمشاركة في إرسائه، لأن تطور مفهوم الأمن من مجرد مرفق عمومي إلى حق دستوري، يقابله بالضرورة ذلك الالتزام المشترك القاضي بالمحافظة على هذا الحق وصونه من مسببات تقويضه.

فهذا التطور في مفهوم ووظائف الأمن فرضته عدة إملاءات وموجبات، من بينها تزايد الطلب العمومي على الأمن، بسبب تطور المجتمع وبروز حقوق والتزامات جديدة تحتاج إلى تقعيد قانوني وتأطير تنظيمي، مثلما هي الجريمة المواكبة للطفرة الرقمية والتكنولوجية، وكذا الحقوق الفئوية والحقوق الاقتصادية المستجدة وغيرها. فهذا التطور المضطرد في المفهوم والوظيفة يجعل مسألة حصر وظائف إدارة الأمن الوطني  في مشتملاتها اللغوية مسألة قاصرة مطبوعة بالسطحية إلى أقصى أبعادها وتجلياتها.

أكثر من ذلك، فتزايد مخاطر الجريمة العابرة للحدود الوطنية، وتنامي الظاهرة الإرهابية في محيط دولي وإقليمي مفتوح على العديد من التحديات الأمنية، تحتم على دول العالم أن تتعاون فيما بينها لحرمان الإرهابيين والمجرمين من كل ملاذ آمن، ومن كل مصادر للإمداد والاستقطاب والتمويل، ومن كل القواعد الخلفية للتحرك والمناورة. ولئن كان الأمن الوطني المغربي لا يحقق وظيفته الوطنية، حسب أماني حسن أوريد، فلماذا تعتد السلطات القضائية الأجنبية بما ينفذه من إجراءات مسطرية ضمن الإنابات الدولية، وما يقدمه من معلومات في مجال الاستعلام الجنائي؟ أليس مبدأ توازي الأشكال يقتضي أن تتعاون الدول والأجهزة الوطنية فيما بينها؟ أم أن حسن أوريد يعلم أكثر من كل هذه الدول والمنظمات التي تجمعها بالمغرب وأمنه علاقات تعاون متميزة في المجال الأمني؟ يتساءل مستنكرا المصدر الأمني.

وختم المصدر الأمني تعليقه بالقول "إن الوظيفة الوطنية للأمن يتلمسها المواطن في تطور مؤسسته الأمنية، وفي تغيير فلسفتها وعقيدتها، التي باتت تجعل مناط وجودها هي خدمة هذا المواطن، ليس تحقيقا للخدمة في حد ذاتها، ولكن تجويدا لها"، وهو مسار إصلاح متواصل، يمكن تحقيقه إذا استنكف من ينظر للمغرب بمنظار الكسوف عن الإفتاء بما لا يعرف وفي ما لا يعرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى