طرائف المحكمة: “مختل عقلي” يصرخ في وجه قاض والسبب “غريب” (الحلقة 1)
الدار/ عفراء علوي محمدي
كثيرا ما تشهد المحاكم طرائف و"قفشات" واقعية تكاد تتحول إلى نكت، ما يجعل بعض الظرفاء بمختلف دول العالم يخصصون جوائز قيمة سنويا لأحسن الأحداث القضائية طرافة.
ولا تسلم المحاكم المغربية من هذه النوادر التي لا يعاينها، في الغالب، سوى القضاة والمحامون بفعل احتكاكهم اليومي بالمجال، بالإضافة لبعض الشهود العيان الذين حضروا تفاصيلها وأحداثها، بينما تبقى بعيدة على مرأى ومسمع أغلب المواطنين.
في هذه السلسلة، يعمل موقع "الدار" على نقل أكثر القصص القضائية طرافة وغرابة على لسان مجموعة من المحامين، يرونها بسخرية وخفة دم طيلة شهر رمضان، وهي الأحداث التي تبدد، بشكل سحري، طابع جلسات المحاكم الجدي، وتجعل مواقفها قريبة إلى الطرافة منها إلى الريبة والصرامة.
—
حكى محام شاب عن هيئة الدار البيضاء، يدعى أشرف منصور جدوي، عن طريفة غريبة حدثت في أحد الأيام الحارة لشهر رمضان من السنة الماضية.
وقبل أن يسترسل في حديثه لموقع "الدار" عن الواقعة الطريفة، استهل كلامه بتوطئة حول الأجواء العامة للجلسات، يقول: "جرت العادة خلال المحاكمات أن يبدأ القاضي بمناقشة الملفات غير الجاهزة قصد تأجيلها في غالب الأحيان، أو التطرق لحيثيات صغيرة تتعلق بها قبل إجراء التأجيل، وبالتالي تؤخر القضايا التي قطعت أشواطا متقدمة إلى حين الانتهاء من الملفات التي لم تتجاوز مرحلة تقديم الدفوع الشكلية، والتي يمر عليها القاضي مرور الكرام".
في هذا الصدد، قدم المحامي "الكازاوي" وصفا لحالة المحامين والمتهمين، أصحاب الملفات المؤخرة، الذين يطول انتظارهم لينهي القاضي تطرقه للملفات غير الجاهزة، والتي تتميز بالكثرة والتنوع: "ينتظرون إلى درجة لا يستطيعون معها صبرا، فيغادر بعض المحامين منهم القاعة لدقائق طويلة، بينما يتجنب بعضهم الآخر القيام بذلك مخافة أن يفاجؤوا بخوض رئيس الجلسة في الملف المنتظر قبل الأوان، أما المتهمون، وخصوصا منهم المعتقلين، فلا يجدون خيارا غير البقاء في القاعة للانتظار، وكلهم أمل بأن يصل القاضي إلى ملفهم في القريب العاجل"، حسب تعبير منصور جدوي.
وكذلك مثال ما حصل في إحدى جلسات الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يقول منصور جدوي، "كان يوما من أيام شهر رمضان من العام الماضي، وكان المكان الخاص بجلوس المتهمين مملوءا على آخره، حيث كان المتهمون يجلسون جنبا إلى جنب مع بعضهم البعض، في الوقت الذي اكتفى بعضهم الآخر بالوقوف تجنبا للازدحام"، فطال انتظارهم، حسب المحامي، لما يزيد عن ساعة من الزمن، وساهم الجو الحار لتبدوا آثار الغضب الممزوج بالتعب على محياهم بجلاء.
أحد المتهمين، الذي كان يبدو من خلال هيئته الخارجية كـ"المختل العقلي"، وفعلا كان، حسب ما أكده المحامي نفسه، آل به الانتظار الطويل لرفع يده في وجه القاضي، الذي يدعى محمد بوطرفة، بامتعاض مرارا وتكرارا، دون أن يحرك ساكنا، قبل أن ينتهي به الأمر بالنهوض من مكانه بطريقة عنيفة، والصراخ: "وا زدتي فيه! وا عتقنا خلاص خلينا نمشيو بحالنا! راحنا معطلين!".
بمتم هذه الكلمات الغاضبة، أكد منصور جدوي أن القاعة انفجرت من فرط السخرية، بينما قاوم القاضي رغبته في الضحك بصعوبة، ليطأطأ رأسه مطمئنا المتهم بالقول "واخا.. واخا.. سمح لينا"، وأشار جدوي أن القاضي كان يعلم أن المتهم يعاني من اضطراب عقلي، لذلك ارتأى إجابته بدبلوماسية، "فالطريقة التي تكلم بها تثبت بالملموس على أن ليس إنسانا سويا"، يسجل المحامي أشرف منصور جدوي.