الدار/ سعيد المرابط
مع دخول قانون مكافحة العنف ضد المرأة حيز التنفيذ بالمغرب في شتنبر من العام الماضي، انتشرت هالة من الأمل والتفاؤل بين جميع نساء البلد، في عام مظلم اتسم بأحداث عنيفة للنساء، كانت أبرزها حالة خديجة، التي اغتصبها 13 رجلاً، ووشموها حسب شهاداتها التي تناقلتها الصحف الوطنية والدولية.
وفي وقت لم يعد يتعذر فيه تحديد مدى انتشار ظاهرة العنف بشكل دقيق عبر المغرب، فإن الإحصائيات الأخيرة التي استقرأتها النتائج الأولية للبحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء بالمغرب، والتي قدمت اليوم الثلاثاء بالرباط، تفيد بأن العنف بلغت نسبته على الصعيد الوطني 54.4 بالمائة.
هذا البحث الذي أنجز على مستوى جهات المملكة الـ12 خلال الفترة الممتدة مابين الـ2 يناير والـ10 مارس 2019، حسب ما قالته بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، مساء اليوم الثلاثاء، أثناء ندوة صحفية بالرباط، يكشف أن معدل انتشار العنف ضد النساء؛ يصل في الوسط الحضري إلى 55.8 بالمائة مقابل 51.6 في المجال القروي.
وحصلت النساء اللواتي تتراوح أعمارهن مابين 25 و29 ربيعا، على حصة الأسد من التعرض للعنف؛ بنسبة 59.8 بالمائة، وفق ذات المعطيات التي قدمتها وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، أثناء عرض النتائج الأولية للبحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء.
وتفيد النتائج الأولية للبحث، الذي تتحصل “الدار” على نسخة منه، أن أعلى نسب التعرض للعنف، تكون في فترة الخطوبة، وفي الزواج، بنسبة تتجاوز الـ54 بالمائة، بالنسبة للنساء المخطوبات، أما النساء المتزوجات فيتجاوز العنف بينهن الـ52 بالمائة، لتكون نسبة النساء المغربيات اللائي تتراوح أعمارهن ما بين 18 و64 سنة، واللائي تعرضن للعنف في الأماكن العمومية، 12.4 بالمائة.
ورغم هذه الأرقام المفزعة، إلا أنه لمواجهة هذا الواقع المعقد والهش، يشتمل قانون مكافحة العنف ضد المرأة في المغرب بشكل أساسي على تدابير ذات طبيعة عقابية، من بينها إبراز حظر الزواج القسري والتحرش الجنسي في الأماكن العامة.
كما أنه يحدد في ديباجته عدة أنواع من العنف ضد المرأة، تماشياً مع إعلان الأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد المرأة.
وبالمثل، يقترح القانون إنشاء آليات جديدة لمساعدة الضحايا، في إطار فئة خلايا الدعم، في المحاكم وفي المجالات الحكومية الخاصة بالعدالة والصحة والشباب.
وكذلك، إنشاء هيئات مراقبة وتقييم، مع المجلس وطني لحقوق الإنسان، ولجان إقليمية ولجان محلية، تهدف إلى تحسين دعم الضحايا.
ووراء هذه الأرقام التي كشفتها الدراسة المذكورة، هناك فتيات ونساء لهن اسم، حياة، قصة يروينها؛ وفي المغرب، قلة منهن ينتهي بهن المطاف بالإبلاغ عن سوء المعاملة، حيث تبلغ نسبة النساء المعنفات اللائي قدمن شكاية ضد المعنفِ 6.6 بالمائة، منها في الوسط الحضري 7.7 بالمائة، مقابل 4.2 بالمائة فقط في المجال القروي، حسب ذات الدراسة.
وتعتبر الحواجز الاجتماعية والثقافية، التي يجب مواجهتها والتي تجعلها غير مرئية، والمرأة غير محمية، في المحصلة عائقا أمام التبليغ، وكذلك الضغط الأسري والاجتماعي، والاعتماد الاقتصادي والتوريثي للزوجين أو الشريك السابق، ونقص المعلومات والمرافقة الفعالة للوصول إلى أماكن الحماية، أو المتطلبات الإجرائية والقضائية التي تتطلب إثبات فعل العنف في البلد.
وغالبًا ما لا يتم تصديق الضحية إذا لم يكن لديها العديد من الشهود الذين يمكنهم إثبات ما حدث، مما يدفع الفتيات والنساء إلى ضرب جدار الصمت أمام العنف وانعدام الأمن الاجتماعي.
ويرى مراقبون، أن الحل ليس فقط في تأثير القانون الجديد، ولكن أيضًا في عملية التحول الاجتماعي التي تمر بها البلاد، والتي يجب أن تقلق الجميع؛ لأنها لن تشكك فقط في حقوق المرأة ولكن أيضًا في الحريات. لذلك، في هذه اللحظة المهمة في التاريخ المغربي، ولأن الطريق إلى المساواة الفعالة بين الرجل والمرأة في المغرب طويل وصعب، يجب أن تثق النسوة أن قوة القانون ترافقهم، لا سيما بعد تفعيل القانون الجديد، الذي يعاقب بقوة تعنيف النساء.