يشكل اليوم العالمي للمآثر والمواقع التاريخية، الذي يحتفي به المغرب، على غرار دول المعمور، في 18 أبريل من كل عام، واختارت له وزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الثقافة – هذه السنة، عنوان “الأركيولوجيا وتدبير التراث الثقافي”، مناسبة لإبراز غنى الموروث الثقافي الوطني المادي واللامادي، والجهود المبذولة لتثمينه وحمايته.
وفي هذا الصدد، سطرت الوزارة الوصية، في إطار فعاليات شهر التراث لسنة 2024، مجموعة من الأنشطة تطرح موضوعات التلاقح الثقافي والانفتاح على الحضارات والثقافات المتوسطية والإفريقية، وتستهدف، بالأساس، تعزيز الوساطة الثقافية وتقريب مضامين وقضايا وانشغالات التراث الثقافي من عموم المواطنين، علاوة على تقديم حصيلة المجهودات المبذولة على الصعيدين الوطني والدولي في هذا الاتجاه.
وقال مدير التراث الثقافي بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، مصطفى اجلوق، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، إنه تمت، على الأصعدة الوطنية والجهوية والمحلية، برمجة سلسلة من الأنشطة التراثية والثقافية والفنية التي ستعكس الزخم الكمي والنوعي للتراث الثقافي المغربي، وتتوزع بين زيارات ميدانية ومحاضرات ومعارض تراثية وفنية وتوثيقية وموضوعاتية، فضلا عن ورشات تكوينية ولقاءات تواصلية.
وبخصوص حماية وصيانة وترميم التراث الثقافي المادي الوطني، أكد السيد أجلوق أن الوزارة تشارك في مشاريع الحفاظ على المدن العتيقة بمختلف جهات المملكة، وذلك عبر المساهمة في إعادة تأهيلها بشراكة مع الجماعات المحلية والمجالس الجهوية، من خلال ترميم وصيانة وتثمين عدد مهم من المباني التاريخية بالمدن العتيقة لفاس ومكناس وطنجة وتطوان وسلا ومراكش والصويرة وأكادير، والمبرمجة في إطار المبادرة الملكية لتثمين وإعادة تأهيل المدن العتيقة، و كذا ضمن البرامج التنموية المندمجة محليا وجهويا.
وتابع أنه يجري الاشتغال حاليا على مشروع تهيئة وتثمين موقع سجلماسة الأثري، بتعاون مع كلية الهندسة المعمارية بالجامعة الدولية بالرباط، بالإضافة إلى صيانة وإصلاح السور التاريخي لمسجد حسان بالرباط، وترميم وإعادة تأهيل المبنى التاريخي للقنصلية الدنماركية بالصويرة، وصيانة معلمتي قبور السعديين وقصر البديع بمراكش.
وفي ما يتعلق ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، عملت وزارة الثقافة والشباب والثقافة – قطاع الثقافة، يضيف المسؤول نفسه، على وضع برنامج استعجالي بغرض ترميم المعالم التاريخية المتضررة والمتصدعة بفعل الزلزال بعدد من الجهات والأقاليم، من خلال تكليف لجان تقنية مختصة للانتقال إلى عين المكان والوقوف على وضعية المباني التاريخية والمواقع الأثرية، من أجل تقييم الأضرار والمخاطر واقتراح التدخلات الاستعجالية اللازمة، ومن ثمة مباشرة عمليات التدعيم الضرورية وتفكيك الأجزاء المتضررة مع القيام بعمليات الصيانة المستعجلة، وذلك تحييدا لكل المخاطر المحتملة.
وأكد السيد أجلوق، أنه بفضل تضافر جهود كافة المتدخلين، تم تحييد الخطر وفتح هذه المعالم أمام الزوار.
وأشار إلى أنه وبالموازاة مع هذه العمليات الاستعجالية، تم إنجاز الدراسات لترميم الأجزاء المتضررة من أسوار مراكش، حيث باشرت المقاولات ترميم هذه الأجزاء، مسجلا أن نسبة الإنجاز تتقدم بشكل مضطرد.
وفي معرض حديثه عن عمليات ترميم المعالم التاريخية، أوضح مدير التراث الثقافي أن قطاع الثقافة بصدد إنجاز الدراسات اللازمة من أجل إبرام الصفقات الخاصة بهذه العمليات.
وحول المجهودات المبذولة من قبل الوزارة للتعريف بالتراث، أبرز السيد اجلوق أن القطاع الوصي خصص دعما سنويا للإنتاجات الرقمية الوطنية التي تسعى للترويج للتراث الوطني المادي وغير المادي بمختلف أنحاء العالم على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى إطلاق أول منصة إلكترونية تفاعلية لاكتشاف المواقع الأثرية، كل ذلك في إطار المجهودات التي تهم رقمنة التراث الثقافي والمادي وغير المادي.
وذكر، في هذا السياق، بأن القطاع قام بشراكة مع الجمعية المغربية لحماية والنهوض بالتراث المغربي بتنظيم “الجائزة الكبرى للتراث” لأول مرة، والتي تروم نشر ثقافة الاعتراف وتكريم الأشخاص الذين يقومون بأعمال تهدف للترويج للتراث الوطني.
كما أشرفت الوزارة، لأول مرة كذلك، على إطلاق سلسلة عروض مسرحية تحت اسم “نوستالجيا”، والتي تحاكي تاريخ المملكة، ويتم تنظيمها بمآثر تاريخية، كموقع شالة بالرباط وقصر الباهية وقصر البديع بمراكش، بهدف إحياء ماضيها وتبسيطه لعموم الزوار.
وفي إطار جهود الحفاظ على التراث الوطني، أبرمت الوزارة، وفق المسؤول نفسه، شراكات مهمة مع كل من منظمة (اليونسكو) والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، ترجمت إلى زيارات لمسؤولين من المنظمتين إلى المملكة. كما أطلقت علامة تميز المغرب “Moroccan Heritage” التي تمنح للمملكة إمكانية تسجيل عناصر تراثها الوطني غير المادي في سجل المنظمة العالمية للملكية الفكرية، وهو ما تنكب عليه لجنة خاصة بجرد كل عناصر هذا التراث ووضع كل الأبحاث التاريخية حولها منذ سنة تقريبا.
وقامت الوزارة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، بحسب السيد اجلوق، بتسجيل عنصرين من التراث الوطني في قائمة اليونيسكو، ويتعلق الأمر بفني “التبوريدة” والملحون. كما تم وضع القفطان المغربي في اللائحة التمثيلية لسنة 2025. بالإضافة إلى تسجيل، خلال السنتين الأخيرتين، أكثر من 40 عنصرا من التراث الوطني في قائمة (الإيسيسكو) كتراث مغربي خالص، لتتصدر بذلك قائمة الدول الأعضاء في المنظمة.
ومن أجل ربط الأجيال الناشئة بتراثها الوطني، يؤكد مدير التراث الثقافي، أن شهر التراث، الذي ي حتفى خلاله سنويا بالتراث من 18 أبريل إلى 18 ماي، يمثل مناسبة لتقريب التراث من الناشئة، إذ ت عطى خلال هذا الشهر الأولوية للأنشطة الموجهة للمؤسسات التعليمية لفائدة الناشئة والشباب، وي وضع برنامج طيلة هذا الشهر لاستقبال التلاميذ والطلبة بمختلف المواقع والمعالم التاريخية الوطنية. كما يتم التنسيق في برمجة وتنظيم هذه الأنشطة مع المصالح الجهوية لقطاعي الثقافة والشباب.
وتثمينا لكل هذه المجهودات الوطنية للحفاظ على التراث الوطني المادي عبر ربوع المملكه، تم تصنيف المملكة في المرتبة 14 عالميا في ما يخص غنى وتنوع هذا التراث، والثانية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
المصدر : الدار – و م ع