فن وثقافة

“موازين.. إيقاعات العالم”..لوحة فنية جذورها افريقية

على الرغم من التقاطعات الكثيرة بين الثقافتين العربية والإفريقية، لا يكاد البعد الإفريقي يحضر عربيا إلا على استحياء في العديد من المواعيد الثقافية والفنية. وإذا كان لكل قاعدة استثناء، فإن مهرجان "موازين.. إيقاعات العالم" يبقى الموعد الثقافي الأكثر وفاء للهوية الإفريقية، حيث شكل وما زال على مدار نسخه الـ 18 لوحة فنية بهية لجميع أصوات إفريقيا، من الكاميرون إلى جنوب إفريقيا، مرورا ببلدان منطقة البحر الكاريبي.

ويؤكد مهرجان (موازين) منذ تأسيسه وكما جرت العادة بذلك كل سنة، تعلقه بالقارة الإفريقية ومواهبها، حيث سبق له أن استقبل في الوقت نفسه رموزا رائعة مثل مانو ديبانجو، وجيمي كليف، وسيزاريا إيفورا أو هيو ماسيكيلا، إلى جانب فنانين ومغنين واعدين وتشكيلات حديثة مثل أنجيليك كيدجو والشيخ لو وموري كانتي وسليف كيتا وصديقي دياباطي ويوسو ندور.

وسعيا منه إلى مد جسور التواصل بين الشعوب والثقافات، يبقى البعد الإفريقي في مهرجان (موازين) حاضرا بقوة من خلال الغنى الفني والموسيقي التي تتميز به الأصوات الإفريقية من جاز وبلوز وألوان موسيقية حديثة من قبيل الهيب هوب والراب، إضافة إلى أنواع موسيقية أخرى تمتح من الثقافة الإفريقية العريقة، حيث كان للجمهور المغربي فرصة للتعرف على عراقة الثقافة الإفريقية، والتي كان لها تأثر كبير على الثقافة الإنسانية برمتها.

وتبقى الدورة الثامنة عشر للمهرجان، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفية لهذا الشغف؛ حيث تألقت أفضل الأصوات الغنائية الإفريقية، مرة أخرى، على منصة أبي رقراق، تتصدرها قائمة تشكل بانوراما جديدة لأروع ما جادت به إفريقيا من الفن الاستعراضي الراقي.

وكان الحفل الافتتاحي موعدا فنيا فريدا في برمجة مهرجان "موازين.. إيقاعات العالم"، حيث الزخم الغني للأصوات التي أثثت هذا الفضاء طيلة أسبوع كامل. وهكذا، كان الجمهور على موعد، يوم الجمعة 21 يونيو، مع "بي سي يوسي" BCUC، المجموعة الفريدة من نوعها القادمة من جنوب إفريقيا، والتي تمزج بين الفري جاز أو "الجاز الحر" والستوج Stooges والأداء المتميز بالطاقة الأخاذة لجيمس براون.

وبنفس الحماس الفني المتوهج، كان للجمهور يوم السبت 22 يونيو موعد مع مجموعة كوكوكو (Kokoko)، هاته التشكيلة القادمة من كينشاسا، والتي تتألف من موسيقيين ورسامين، تمكنت من تكريس حضورها ومكانتها في دائرة الموسيقى الإلكترونية، والتي تبتكر أدوات موسيقية بالاعتماد على أدوات مستعملة.

عقب ذلك، واصلت مايا ويغريف Maya Wegerif، التي تعرف أيضا باسم شومادجوزي، فقرات إحياء هذا الحفل الغنائي الذي كان في غاية الروعة. 

وأطربت مغنية الراب الجنوب إفريقية المفتخرة بأصولها وجذورها الإفريقية، جمهورها بأغاني أدتها بشيتسونجا والسواحيلية، وهكذا سافر رواد موازين رفقتها إلى عوالم أسلوب موسيقي أكد مكانته بقوة في دوربان.

كما صدحت المنصة عاليا يوم الأحد 23 يونيو، بصوت الفنان جيمس كاري Kery James، الاسم اللامع في سماء الراب الفرنسية، حيث قدم عرضا شيقا ألهب بكل تأكيد حماس عشاقه. 

أما مجموعة الأمازون الإفريقية collectif des Amazones d’Afrique فقد كانت في الموعد يوم الاثنين 24 يونيو، حيث تتكون هذه التشكيلة من ثماني مغنيات يجمعهن قاسم مشترك وهو مكافحة العنف ضد النساء، وتشمل هذه الفرقة أروع الأصوات النسائية في القارة: كانديا كوياتي، وماماني كيتا، وروكيا كوني، وأنجيليككيدجو، ونيكا، ومريم كوني، ومونيساتاندينا، وباميلا بادجوغو. سواء من مالي أم بنين أم نيجيريا أم الغابون، والتي غنت كل منهن لرفع مستوى الوعي العام بمكافحة العنف و الوحشية ضد النساء. 

كما عاش الجمهور المغربي، يوم الثلاثاء 25 يونيو، رحلة موسيقية ملحمية مع Delgres، وهي مجموعة من ثلاثة موسيقيين فرنسيين من بينهم المغني باسكال دانا، منغوا دالوبي. هذه الفرقة الموسيقية التي تحمل اسم بطل، تستكشف الجذور العميقة بحثا عن بلوز شخصي و فريد.

أما يوم الأربعاء 26 يونيو، فقد تألق Youssoupha يوسوفا، الفنان المتألق بغنى ثقافته المزدوجة الإفريقية والأوروبية. حيث كان من الأسماء التي جذبت الأنظار بقوة بأبي رقراق. فهذا المغني الذي يهمين بروائعه على موسيقى الراب الفرنسية بأسلوبه وعفويته المنطلقة، أطرب جمهوره بأغاني مستوحاة من شبابه وحياته في الضواحي.

ويوم 27 يونيو، ألهب المغني الشهير كاماسي واشنطن Kamasi Washington منصة أبي رقراق، حيث أحيى رائد أسلوب الجاز الجديد "نيو جاز"، القادم من لوس أنجولس والمتميز بعزفه على آلة الساكسوفون رفقة مجموعته، حفلا موسيقيا يجمع بين الجاز والفانك والفري والسول والبلوز والروك. وقد سطع اسم هذه الفرقة بفضل هذا المزيج من الإيقاعات الذي جعل شهرتها تتجاوز المحيط الأطلسي.

هذا، وخلق المغني الطوغولي بيتر سولو Peter Solo ومجموعته "فودو غيم" Vaudou Game مفاجأة ستبقى حاضرة في أذهان جمهوره يوم الجمعة 28 يونيو، حيث كان لرواد موازين على موعد مع أسلوب موسيقي يبعث أنغام الأفرو-فانك التي ميزت تاريخ الموسيقى الإفريقية في سبعينيات القرن العشرين. وكشفت هذه الفرقة عن صورة أخرى لهذه الثقافة الموروثة، والتي تحتل فيها الطبيعة وعناصرها مكانا أساسيا.

وأخيرا، اهتزت منصة أبي رقراق مساء أمس السبت 29 يونيو، على أنغام ألحان كوبا لاد KobaLaD الذي فرض حضوره في موسيقى الراب الفرنسية وعمره لا يتجاوز 19 عاما. ويحظى هذا المغني بفضل أسلوبه الحر بملايين المشاهدات على يوتوب. كما تجب الإشارة إلى أن ألبومه الأخير VII، الصادر في أواخر 2018 حاز على لقب الأسطوانة الذهبية.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى