فطريات مسلحة بسم العنكبوت تقتل بعوض الملاريا
تصيب الملاريا مئات الملايين من الأشخاص حول العالم، وتقتل أكثر من 400 ألف شخص سنويا، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وقد فشلت عقود من استخدام المبيدات الحشرية في مكافحة البعوض الذي يحمل طفيل الملاريا، وأدت في نهاية المطاف إلى زيادة مقاومة سلالات البعوض لهذه المبيدات.
وبدأ العلماء بتعديل البعوض وراثيا لحل هذه المشكلة المتفاقمة، وتعديل بعض الكائنات الحية الأخرى التي يمكن أن تساعد في القضاء على البعوض. ولكن حتى الآن، لم تتجاوز أي من هذه التقنيات المستخدمة في التعديل الوراثي الاختبارات المعملية.
ونشرت ورقة بحثية يوم 31 ماي الماضي في مجلة "ساينس"، وصف فيها فريق من العلماء من جامعة ميريلاند وبوركينا فاسو أول تجربة خارج مختبرات التعديل الوراثي لمكافحة الملاريا.
فعالية الفطريات المحورة وراثيا
أظهرت الدراسة أن الفطريات التي تم تصميمها وراثيا لتوصيل السم إلى البعوض قللت أعداده بأكثر من 99%، في تجربة أقيمت بقرية محاطة بستار في بوركينا فاسو غربي أفريقيا.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة برايان لوفيت -وهو طالب دراسات عليا في قسم علم الحشرات بجامعة ميريلاند- "لم تصل وسيلة تعديل وراثي للسيطرة على الملاريا إلى هذا الحد في الطريق نحو الاختبارات الميدانية الفعلية".
بدوره قال أستاذ علم الحشرات بجامعة ميريلاند ريموند سانت ليغر المشارك في الدراسة "لقد أثبتنا أن فعالية الفطريات المحورة وراثيا أفضل بكثير من النوع البري، مما يبرر مواصلة تطويرها".
وقد استخدم العلماء سلالة من الفطريات التي تصيب البعوض فقط وهندسوها وراثيا لإنتاج سم يقتل البعوض بسرعة أكبر من سرعة تكاثره. وتسببت هذه الفطريات المعدلة وراثيا في انهيار تجمعات البعوض في موقع الاختبار إلى مستويات غير مسبوقة.
إبرة تحت الجلد
يسمى السم المستخدم "هيبرد" (الهجين)، وهو مبيد حشري مستمد من سم عنكبوت أسترالي معروف باسم "العنكبوت القُمعي". وقد وافقت وكالة حماية البيئة على تطبيقه مباشرة على المحاصيل لمكافحة آفات الحشرات الزراعية.
ولتعديل الفطريات استخدم فريق البحث بجامعة ميريلاند البكتيريا لنقل الحمض النووي عمدا إلى الفطريات، وزوّد الحمض النووي بمخططات لصنع السم الهجين، مع مفتاح تحكم يخبر الفطريات متى تصنع السم.
مفتاح التحكم هو نسخة من رمز الحمض النووي الخاص بالفطريات نفسها، وتتمثل وظيفته العادية في إخبار الفطريات بموعد بناء صدفة قذيفة دفاعية حول نفسها حتى تتمكن من الاختباء من الجهاز المناعي للحشرات. وبناء تلك الصدفة مكلف بالنسبة للفطريات، لذا فهي لا تبذل الجهد إلا عندما تكتشف البيئة المحيطة المناسبة داخل مجرى دم البعوض.
وقد تمكن العلماء من التأكد من أن الفطريات المعدلة تنتج السم فقط داخل جسم البعوضة، وفحصوا الفطريات المعدلة وراثيا على الحشرات الأخرى، ووجدوا أن الفطريات لم تكن مؤذية للأنواع المفيدة مثل نحل العسل.
موسكيتوسفير
بنى العلماء "موسكيتوسفير" في منطقة ريفية موبوءة بالملاريا في بوركينا فاسو، وهو عبارة عن مكان مساحته قرابة 6550 قدما مربعا، تم تصميمه لمحاكاة أجواء محيط القرية، ويحتوي على أكواخ تجريبية ونباتات وبرك صغيرة لتكاثر البعوض ومصدر غذائي له. وقد أحيط بشبكة كبيرة لمنع البعوض من الهروب إلى البرية.
وجد الباحثون أن التطبيق البسيط للفطريات المعدلة وراثيا يقلل بأمان عدد البعوض بأكثر من 99%، حيث انخفض العدد إلى 13 بعوضة بالغة فقط بعد 45 يوما.
وقد أجروا هذه التجربة عدة مرات وحققت نفس النتائج المثيرة. ويأمل فريق العلماء الدولي اختبار الفطريات المعدلة وراثيا في قرية أو مجتمع محلي حقيقي بعد نجاح المحاكاة.