أخنوش يترافع في الأمم المتحدة عن مبادرات المغرب الإفريقي
الدار/ تحليل
ترافع رئيس الحكومة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول التوجه الأطلسي والإفريقي للمغرب يعد إشارة وية إلى أن الأمر لا يتعلق بمبادرة عابرة بل بتوجه استراتيجي يريد من خلاله المغرب أن يحول منطقة الساحل الأطلسي الإفريقي إلى وحدة متكاملة جغرافيا وسياسيا وتنمويا. مبادرة مسلسل الرباط للدول الإفريقية الأطلسية فكرة تجسد التعاون جنوب-جنوب بامتياز، وتفتح آفاقا جديدة لتحقيق التكامل الذي تحتاج إليه القارة السمراء من أجل مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، وعلى رأسها الأمن المائي والغذائي والطاقي. وحرص بلادنا على لسان رئيس حكومتها على عرض هذا المبادرة على أنظار هيئة الأمم المتحدة في تجمعها السنوي المفتوح يؤكد الالتزام الإفريقي للمغرب.
بينما تسعى بعض الدول إلى زرع الفتن والقلاقل وإثارة النعرات الانفصالية في ربوع مختلفة من القارة، يسعى المغرب باستمرار إلى تقديم البديل البنّاء الذي يمنح لسكان إفريقيا أملا وفرصا واعدة. المبادرة الهادفة إلى تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي جزء لا يتجزأ من هذا المشروع المغربي الواعد. فجلالة الملك الذي أظهر منذ تربعه على العرش انتماء منقطع النظير إلى القارة الإفريقية وهمومها وتحدياتها، يؤمن بأن التخلف والفقر والمرض الذي يحاصر إفريقيا ليس قدرا محتوما لا يمكن مواجهته. ومن ثمّ فإن عرض هذا المشروع على أنظار عشرات القادة من دول العالم أكبر دليل على هذا الطموح الذي يحذو بلادنا لربط منطقة الساحل والصحراء بشبكة الاقتصاد العالمي.
هذا المشروع الرائد الذي سيساهم في تحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية في الضفة الأطلسية للقارة، وسيستفيد منه 13 بلدا إفريقيا، نموذج حي عن البدائل التي تحتاج إليها إفريقيا في الوقت الراهن، ولا سيّما بعد أن تخلفت كثيرا عن ركب أهداف الألفية، وفشلت أغلب حكوماتها في تحقيق الرخاء والرفاهية والاستقرار الذي تتمناه شعوبها. المغرب جزء لا يتجزأ من إفريقيا وهمومها وانتظاراتها، ومن ثمّ فإن الترافع عن هذا المشروع لإقناع الشركاء الخارجيين بضرورة دعمه وتوفير الإطار التمويلي له يمثل خطوة متقدمة في مسلسل التنفيذ، الذي قد يبدو متعثرا بعض الشيء لكنه آت لا محالة. هناك طبعا إرادات سياسية ليست متحمسة وأخرى تحاول تعطيل هذا المشروع لكن المصلحة هي التي تفرض نفسها في النهاية.
إن تحقيق التكامل الاقتصادي بين أكثر من 21 بلدا إفريقيا في منطقة الساحل الأطلسي، وتمكين الدول التي لا تمتلك واجهات بحرية من الوصول إلى المحيط الأطلسي ليس مجرد مشروع من مشاريع التكتلات الإقليمية التي يمكن الانخراط فيها لأسباب دبلوماسية لا أقل ولا أكثر، بل هو إطار وحدوي يمتلك مقومات التأثير الاقتصادي والاستراتيجي على الصعيد الدولي. نحن نتحدث عن مساحة شاسعة وأسواق تضم ملايين السكان واقتصاديات واعدة مثل الاقتصاد المغربي والنيجيري والجنوب إفريقي. كما أنه فضاء يضم دولا تمتلك موارد طاقية وثروات هائلة، وتحتاج إلى توظيف هذه الموارد في خدمة القارة ولمصلحة الأفارقة.
مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية تمثل نضج الخبرة المغربية في الانفتاح على القارة الإفريقية، كما أنها تتجه شيئاً فشيئاً نحو التشكل وفقاً لتوجهات الدول الأعضاء واحتياجاتها وأولوياتها. ولذلك فإن الترافع عنها في الجمعية العامة للأمم المتحدة يعيد الاعتبار إلى أهميتها في الوقت الراهن، ويؤكد في الوقت نفسه التوجه التنموي والبنّاء للدبلوماسية المغربية. وقد بدا ذلك جليا في مشاركة رئيس الحكومة عزيز أخنوش الذي ركز في جل مداخلاته على أهمية الدبلوماسية متعددة الأطراف كاستراتيجية ملكية تهدف باستمرار إلى إشراك الجميع من أجل خدمة القارة الإفريقية ومساعدتها على رفع التحديات التي تواجهها. ولعلّ مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب الذي سيستفيد منه 13 بلداً إفريقيا يجسد مثالاً واقعيا على هذه الاستراتيجية التي ليس لإفريقيا بديل عنها.